وقال الأخفسش جامع ديوان الخنساء الصحابية: إن صخربن عمرو بن الشريد خرج ذات يوم يتصيد، فبينا هو كذلك إذ أغارت بنو عبس على قومه، فساقوا النعم، وعاثوا، فلما رجع من صيده، رأى محله قومه بلاقع لا أحد بها، فركب فرسه، واستخرج رمحه من الرمل وكان مدفوناً، ثم أتبع القوم، فالتفت عبسي، فأبصره مقبلاً نحوهم، فقال: هذا رجل من بني سليم قد أتاكم وقد أحب الله أن لا يدع منهم أحداً إلا أظفركم به، فليرجع إليه رجل منكم، فليقتله، فشد عليه رجل منهم، فطعنه صخر، فقتله، ثم حمل عليه آخر فقتله صخر، ثم حمل رهط منهم، فاستطرد لهم وجعل ينفرد فارس فيقتله حتى قتل منهم نفراً، فلما رأى ذلك أسراء بني سليم حل بعضهم بعضاً، ثم ثاروا إليهم، فقاتلوهم، وكانت ابنة عمه سليمى على ظهر زنجي من عبيد بني عبس، وكان مولاه قد جعل له أفضل جارية من بني سليم إذا هم ظفروا بهم لشدته وبأسه وإبلائه- أي: إظهار جودة العمل في الحرب- فاختار سليمى، فأخذها وربطها بظهره، فجعل يقاتل وهي على ظهره، فخاف صخر أن يطعنه، فتصل الطعنة إلى الجارية، فعمد إلى عمامته، فربطها دون السنان ليمتنع من الإغراق في جوفه، فينال سليمى، ثم طعن الزنجي، فقتله فرأسته بنو سليم يومئذ عليهم، وقالوا له: اختر أي بنات عمك، فاختار سليمى، فتزوجها، فكانت من أحب الناس إليه، وأكرمهم عليه، ثم إن صخراً خرج في غزاة، فقاتل قتالاً شديداً، وأصابته جراحة عظيمة، فمرض منها، فطال مرضه، وعاده قومه فأتاه يوماً عائد، فقال لسليمى: كيف أصبح صخر؟ فقالت: أصبح لا حياً يرجى، ولا ميتاً ينسى، فسمع ذلك صخر، فشق عليه، وقال في نفسه: هذه ابنة عمي وأحب الناس إلي، وكلاهما عندي حسن، تقزل هذا تضجراً بي وغرضاً منى، وتمنياً لفراقي! أما والله لئن عافاني الله لأقضين ما في نفسي عليها، ثم قال: أنت القائلة لعائدي كذا وكذا؟ قالت غير