له في جعل أسود هنا من قبيل الوصف المحض الذي تأنيثه سوداء، وأخرجه عن حيز أفعل التفضيل والترجيح بين الاشياء، ويكون على هذا التأويل قد تم الكلام، وكملت الحجة في قوله: لأنت أسود في عيني، وتكون "من" التي في قوله: "من الظلم" لتبيين جنس السواد، لأنها صلة أسود. ومعنى قوله: لا بياض له، أي: ماله نور، ولا عليه طلاوة. أنتهى.
وقال الواحدي: وجميع من فسر هذا الشعر قالوا في قوله: "لأنت أسود في عيني من الظلم": إن هذا من الشاذ الذي أجازه الكوفيون من نحو قوله: أبيض من أخت بني بياض
وسمعت العروضي يقول: أسود هنا واحد السود، والظلم: الليالي الثلاث في أواخر الشهر التي يقال لها: ثلاث ظلم، يقول لبياض شبيه: أنت عندي واحد من تلك الليالي الظلم. وقوله: إبعد، بكسر الهمزة وفتح العين من باب فرح، يقال: بعد يبعد بعدا: إذا ذل وهلك، وعني بالبياض الأول الشيب، يقول: يا بياضا ليس له بياض يريد معنى قول أبي تمام:
له منظرا في العين أبيض ناصع ... ولكنه في القلب أسود أسفع
يقول: بياض الشيب ليس ببياض فيه نور وسرور، وهو أشد سوادا من