أراد: تقضض البازي، فاستثقل الضادات، فقلبت إحداهن ياء، وقد حكي أبو عبيد عن الخليل أننه قال: أصلها من: لببت بالمكان، فإذا دعا الرجل صاحبه، قال لبيك، فكأنه قال: أنا مقيم عندك، وحكي عنه أيضا أنه قال: هو مأخوذ من قولهم: أم لبة، أي محبة عاطفة، فإن كان كذذلك، فمعناه: إقبال إليك، ومحبة لك، ويقال: إنه مأخوذ من قولهم: داري تلب دارك، فيكون معناه: اتجاهي إليك، وإقبالي على أمرك، هذا آخر كلام المفضل.
وفي "العباب" للصاغاني قال ابن الانباري في "لبيك" أربعة أقوال، احدها إجابتي لك مأخوذ من: لب بالمكان، وألب له: إذا أقام به، وقالوا: لبيك فثنوا لأنهم أرادوا إجابة بعد إجابة، وقال بعض النحويين: أصل لبيك: لبيك فاستثقل الجمع بين ثلاث باءات، فأبدلوا من الثالثة ياء، كما قالوا: تظنيت، والثاني: اتجاهي يا رب وقصدي لك، فثني للتوكيد، وأخذ من قولهم: داري تلب دارك، أي تواجهها، والثالث محبتي لك يا رب من قول العرب: امرأة لبة: إذا كانت محبة لولدها، عاطفة عليه، والرابع: اخلاصي لك يا رب من قولهم: حسب لباب: إذا كان خالصا محضا. انتهى.
وقوله: دعوني فيا لب إلى آخره .. أي طلبني المستغيثون لدفع الأعداء عنهم، فيا من دعاني: للبيك، فحذف الكاف لضرورة الشعر، وبقيت الياء ساكنة على حالها، وإذا ظرف لدعوني، وضمير لهم للأعداء، والشقاشق: جمع شقشقة، بكسر الشين، وهي شيء كالرئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج، وهدرت شقشقة البعير: قرقرت وصوتت، واستعير هديرها للوعيد والتهديد المزعج، واسكتها: خلاف انطقها، والضمير لشقاشق، وبدري: مبادرتي ومارعتي للدفع منهم، والبيت لم أقف له على تتمة، ولا على قائل، والله أعلم,