وارنت إرنانا: صاحت , ويقال أيضا: رنت رنينا , وإنما صاحت وبكت , لانها تيقنت في تلك المفازة الهلاك , حيث لا ماء إلا ما يعصر من فرث الإبل , وما يخرج من المشيمة من بطونها.
وهذان البيتان اختلف في قائلهما , فقيل: هو شبيب بن جعيل التغلي وهو جاهلي , وإليه ذهب الاّمدي في " المؤتلف والمختلف" قال: وشيب هذا كان بنو قنينة الجاهليون اسروه في حرب كانت بينهم وبين بني تغلب , فقال شبيب هذين البيتين لما رأى أمه نوار أرنت , وهي بنت عمرو بن كلثوم.
وقيل هو حجل بن نضلة , وهو جاهلي أيضا , وهو قول أبي عبيدة , وتبعه ابن قتيبة في كتاب " الشعراء " , وأبو علي في " المسائل البصرية " قالوا: فالهما في نوار بنت عمرو بن كلثوم لما اسرها يوم طلحو فركب بها الفلاة خوفا من أن يلحق والله أعلم.
ومنه تعرف أنه لا وجه لقول ابن الحاجب: إن معنى البيت إنكار الحنين بعد الكبر , وذلك إنما يتحقق بالزمان لا بالمكان, قال ابن قتيبة والاّمدي: قد نقص حرف من فاصلة البيت الثاني , وكان يستوي البيت بان يقول:" متشربا" , وقد روي "شربا لها" , وهذا أحسن، وبقي كلام ذكرناه هناك من شواهد الرضي.