للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله ... وأعطى لرأس السابق المتجرد

تعلم رسول الله أنك مدركي ... وأن وعيداً منك كالأخذ باليد

تعلم رسول الله أنك قادر ... على كل صرم متهمين ومنجد

تعلم بأن الركب ركب عويمر ... هم الكاذبون المخلفو كل موعد

ونبي رسول الله أني هجوته ... فلا حملت سوطي إلي إذن يدي

وبعد هذا ستة أبيات، وقال السهيلي في "الروض الأنف" قوله: وأكسى لبرد الخال إلخ ... الخال: من برود اليمن، وهو من رفيع الثياب، وأحسبه سمى بالخال الذي بمعنى الخيلاء، وقوله: تعلم رسول الله أنك مدركي إلخ .. وهذا البيت سقط من رواية أبي جعفر بن الورد، ومعناه من أحسن المعاني، ينظر إلى قول النابغة:

فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

خطاطيف حجن في حبال متينة ... تمد بها أيد إليك نوازع

فالقسم الأول كالبيت الأول من بيت النابغة، والقسم الثاني كالبيت الثاني، لكنه أطبع منه وأوجز، وقول النابغة كالليل فيه من حسن التشبيه ما ليس في قول الديلي، إلا أنه يسمج مثل هذا التشبيه في النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه نور وهدى، فلا يشبه بالليل، وإنما حسن في قول النابغة أن يقول: كالليل، ولم يقل كالصبح، لأن الليل ترهب غوائله، ويحذر من إدراكه ما لا يحذر من النهار، وقد أخذ الأندلسي هذا المعنى، فقال في هربه من ابن عباد:

كأن بلاد الله وهي عريضة ... تشد بأقصاها علي الأناملا

فأين مفر المرء عنك بنفسه ... إذا كان يطوي في يديك المراحلا

<<  <  ج: ص:  >  >>