"كل" بما على لغة أهل الحجاز، وإضمار الهاء في خبرها أحسن من أن ينصب كل بـ عارف في لغتهم، فتولي "ما" منصوبا بغير هاء، لأن حذف الهاء من الخبر كثير، وليس إيلاء الناصب منصوبا بغيره في شيء من الكلام، قال أبو جعفر: وسألنا أبا إسحاق عن معنى هذا البيت؟ وأجاب، فقال: هذا يذكر امرأة يتعشقها، فليس يسأل عن خبرها إلا من يعرفه ويعرفها. انتهى. والبيت من أبيات أوردها الأسود أبو محمد الأعرابي في "فرحة الأديب" لمزاحم بن الحارث العقيلي وهي:
وجدي بها وجد المضل بعيره ... بمكة لم تعطف عليه العواطف
رأى من رفيقيه جفاء وفاته ... ببرقتها المستعجلات الخوانف
فقالا تعرفها المناول من منى ... البيت
ولم أنس منها ليلة الجزع إذ مشت ... إلى وأصحابي منيسخ وواقف
قوله: وجدي بها وجد المضل بعيره، هو من شواهد سيبويه. قال ابن خلف: الشاهد فيه أنه جعل وجدي مبتدأ، ووجد المضل خبره لا يستغنى عنه، فلم يجز نصبه كما جاز في غيره، وأصله: وجدي بها وجد مثل وجد المضل، والوجد: حرقة الباطن والحزن، والمضل بعيره: الذي أضل بعيره، لم تعطف عليه العواطف: