المطعمون الجفنة المدعدعه ... والضَّاربون الهام تحت الخيضعه
مهلًا أبيت الَّلعن لا تأكل معه ... إنَّ أسته من برص ملمَّعه
وإنَّه يدخل فيها إصبعه ... يدخلها حتّى يواري أشجعه
كأنَّما يطلب شيئًا ضيَّعه
فلما فرغ لبيد التفت النعمان إلى الربيع يرمقه شزرًا قال: أكذاك أنت؟ قال: كذب والله ابن الحمق اللئيم، فقال النعمان: أفٍّ لهذا الطعام، لقد خبث علي طعامي، فقال الربيع: أبيت اللعن! أما إني قد فعلت بأمه، لا يكني، وكانت في حجره، فقال لبيد: أنت لهذا الكلام أهل، أما إنها من نسوة غير فعل، وأنت المرء قال هذا في يتيمته. وفي رواية أخرى: إنها من نسوة فعل، وإنما قال ذلك لأنها كانت من قوم الربيع، فنسبها إلى القبيح، وصدقه عليها تهجينًا له ولقومه.
فأمر الملك بهم جميعًا، فأخرجوا، وأعاد على أبي براء القبة، وانصرف الربيع إلى منزله، فبعث إليه النعمان بضعف ما كان يحبوه به، وأمره بالانصراف إلى أهله، فكتب إليه: إني قد تخوفت أن يكون قد وقع في صدرك ما قال لبيد، ولست برائم حتى تبعث من يجردني ليعلم من حضرك من الناس أني لست كما قال، فأرسل إليه: إنك لست صانعًا بانتفائك مما قال لبيد شيئًا، ولا قادرًا على ردِّ ما زلَّت به الألسن، فالحق بأهلك؛ ثم كتب إليه النعمان في جملة ما كتبه، أبياتًا جوابًا عن أبيات كتبها إليه الربيع مشهورة:
شمِّر برحلك عني حيث شئت ولا ... تكثر عليَّ ودع عنك الأقاويلا
قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا ... فما اعتذارك من شيءٍ إذا قيلا
وقد جاءنا هذا الخبر من عدة طرق، وفي كل زيادة على الآخر، ولم نأت بجميع الخبر على وجهه، بل أسقطنا منه ما لم نحتج إليه. انتهى كلام المرتضى،