للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٠٣) أنيخت فألقت بلدةً فوق بلدةٍ ... قليل بها الأصوات إّلا بغامها

على أن "إلا" صفة للأصوات، وهي لتعريفها بلام الجنس شبيهة بالمنكر، ولما كانت إلا الوصفية في صورة الحرف الاستثنائي؛ نقل إعرابها الذي تستحقه إلى ما بعدها، كأل الموصولة لما كانت في صورة حرف التعريف؛ نقل إعرابها أيضًا إلى صلتها، وهو الوصف، فرفع "بغامها" إنما هو بطريق النقل من "إّلا" إليه، والمعنى: إن صوتًا غير بغام الناقة قليل في تلك البلدة، وأما بغامها فهو كثير.

قال سيبويه في "باب ما يكون فيه إلا وما بعده وصفًا بمنزلة غير" ومثل ذلك: لو كان معنا رجل غلا زيد لغلبنا، والدليل على أنه وصل: أنك لو قلت: لو كان معنا إلا زيد لهلكنا، وأنت تريد الاستثناء؛ لكنت قد أحلت. ونظير ذلك قوله عز وجل: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) [الأنبياء/ ٢٢] ونظير ذلك من الشعر قول ذي الرمة: أنيخت فألقت بلدة ... البيت، كأنه قال: قليل بها الأصوات غير بغامها، إذا كانت غير استثناء. انتهى. قال السيرافي: فيه وجهان:

أحدهما: ما قاله سيبويه، وإذا كان على ما قاله فقد أثبت بها أصواتًا قليلة، وجعل "إلا بغامها" نعتًا للأصوات.

والوجه الثاني: أن يكون "قليل" بمعنى النفي، فيكون بمعنى: ما بها أصوات إلا بغامها، وهو استثناء وبدل، كما تقول: أقل رجل يقول ذلك إلا زيد. انتهى. وكذا جوز الرضي الوجهين في شرح "الكافية": والمعنى على

<<  <  ج: ص:  >  >>