ثالثها: أن اسمها ضمير متكلم محذوف لضرورة الشعر، والأصل: ولكني، كما حذف اسمها في قول الآخر:
ولكنّ زنجيٌّ عظيم المشافر
أي: ولكنك زنجي، وهو قول الخوارزمي، نقله عن ابن المستوفى. فإن قلت:"إياك" ضمير نصب، فهل يجوز أن يكون اسم لكن؟ قلت: لا يجوز لأنه لو كان اسمها لوجب أن يقال: ولكنك، فإنه متى أمكن اتصال الضمير لا يعدل إلى انفصاله، اللهم إلا أن يدعى فصله لضرورة الشعر، قال الأندلسي في شرح "المفصل": ولو قلت: أجعل الضمير المنفصل اسمًا، "ولا أقلي" خبرًا، وأرتكب إجراء المنفصل مجرى المتضل، وأحذف الراجع إلى اسم لكن، والأصل: لكنك لا أقليك؛ لكنت لعمري متعسفًا. انتهى.
فإن قلت: حيث امتنع في الفصيح جعل إياك اسم لكن، ما وجه فصله عن عامله، وتقديمه عليه؟ قلت: وجيه الحصر، فإن تقديم ما حقه التأخير يفيد ذلك؛ فأفاد أنها هي التي لا تقلى، بخلاف غيرها، فإنه يقلى.