هذا الجار متعلقة صفة لما هو بيان له، أي: إذ الأمكنة التي تحلين بها الحاصلة من موضع الظلام. ويجوز أن يكون متعلقًا بكنت، لأنها كانت التامة، أي: إذ حيث حللت من مواضع الظلام ضياء. ويجوز أن يكون من الظلام على تقدير أن يكون "إذ" بدلًا من قوله: في الدجى، لبيان إذ، أي: في الزمان الذي هو الظلام الذي حيث حللت فيه ضياء. هذا كلامه، ولا يخفى تكلفه ونعسفه.
ونعم ما فعل المصنف من اقتصاره على معنى البدلية كالواحدي، والمقدار الذي أخذه من كلام ابن الحاجب في شرح البيت أصله من كلام الواحدي. قال الواحدي: ولم يفسر أحد من إعراب هذا البيت ما فسرت، وكان هذا البيت بكرًا إلى هذا الوقت، والمعنى: أنها لكونها نورًا وضياء لا تخرج ليلًا، لأن الرقباء يشعرون بخروجها حين يرون الظلام ضياء. انتهى.
قال أبو اليمن الكندي في شرحه: تكلم الناس في إعراب هذا البيت كثيرًا، وأصح ما قيل فيه كلام الواحدي. وروي المصراع الثاني كذا أيضًا:
إذ حيث أنت من الظلام ضياء
وبها صدر الواحدي شرحه، قال: يقول: أمن رقباؤك أن تزوريني ليلًا إذ حيث أنت ضياء بدلًا من الظلام، يعني في الليل. وأنت: مبتدأ، وضياء: خبره، وهما جملة أضيفت حيث إليها، و"من" ههنا للبدل، لأن الضياء لا يكون من جنس الظلام، ويروى:"إذ حيث كنت" وعلى هذا ضياء مبتدأ، وخبره