للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنه ورحمنته، هذا ولوملك العبد في مقابلة هذه النعمة على جلاله قدرها، ونباهة خطرها، غير بذل المهجة في الطاعة، واستنفاذ الوسع والطاقة، غاية، لبلغها تقرباً إلى حقوقه بما يقضتيها، ويؤدي شرط العبودية فيها، وحكم على نفسه بالعجز والتقصير معها، وإذا قد حرم المراد فما يتمسك إلى بالرغبة إلى الله تعالي في أن يتولي بمكافأته ما لا يسمح به إلا يده، ولا يفي [به] إلا مجده؛ فهذا هو الكلام الذي ليس به عثار، ولا عليه غبار، قد ولي الفضل تحبيره، وملك العقل رسمه وتصويره، والقليل منه على الكثير دليل، وكلام الجليل كقدره جليل [كما قيل]:

قليل منك يكفيني ولكن ... قليلك لا يقال له قليل

قال العتبي: وأبو نصر هذا، كان صنيعة السلطان يمين الدولة، وشيخ مملكته، وجمال جملته فضلاً موفوراً وأدباً مشهورًا، وعزاً معقودًا، ومالاً ممدودًا، ورأيًا كالأري مشاراً، وحزمًا كالمواثر مغاراً، ودهاء يسلخ الليل البهيم نهاراً، ونظرًا يستشف أستار المصائر، ويستكشف أسرار الضمائر، وشعراً نقي السنخ والجوهر، رضي المورد والمصدر، فمنه قوله:

باني العلي والمجد والإحسان ... والفضل والمعروف أكرم بان

<<  <  ج: ص:  >  >>