كفاك بالشيب ذنبًا عند غانيةٍ ... وبالشباب شفيعًا أيُّها الرجل
ومحمود الوراق بن الحسن توفي في خلافة المعتصم في حدود الثلاثين والمئتين، وأكثر شعره في الوعظ، ومن شعره:
ما إن بكيت زمانًا ... إلاّ بكيت عليه
ولا ذممت صديقًا ... إلاّ رجعت إليه
قال الخطيب في "تاريخ بغداد": يقال: إنه كان نخاسًا يبيع الرقيق، وطلب المعتصم منه جارية، وأعطاه سبعة آلاف دينار، فامتنع من بيعها، فلما مات اشتراها المعتصم من ميراثه بسبعمائة دينار. فلما دخلت إليه، قال: كيف رأيت؟ تركتك حتى اشتريتك من سبعة آلاف بسبعمائة دينار! قالت: أجل إذا كان الخليفة ينتظر لشهواته المواريث، فإن سبعين دينارًا كثير في ثمني فضلاً عن سبعمائة، فأخجلته. انتهى.
والوراق: معناه الناسخ بالأجرة. قال أحمد بن عبد الله بن الحارث المعروف بأبي هفان: سألت وراقًا – يعني: ناسخًا – عن حاله، فقال: عيني أضيق من محبرة، وجسمي أرق من مسطرة، وجاهي أوهى من الزجاج، وحظي أشد سوادًا من العفص إذا خلط بالزاج، وسوء حالي ألزم بي من الصمغ، وطعامي أمرّ من الصبر، وشرابي أكدر من الحبر، والهم والألم يجريان في علقة قلبي مجرى المداد في شقِّ القلم. فقلت: يا أخي لقد عبرت ببلاء عن بلاء! فأنشد:
المال يستر كلَّ عيبٍ في الفتى ... والمال يرفع كلَّ وغدٍ ساقط
فعليك بالأموال فاقصد جمعها ... واضرب بكتب العلم بطن الحائط