للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأكيد، فإن قلت: كيف تكون نافية للأمر، والأمر لا يدخل عليه أداة نفي؟ فالجواب: إنّ "لا" تكون مثل "لا" النافية إذا قلت: اضرب زيدًا لا بل عمرًا، فكأنك قلت: لا تضربه بل اضرب عمرًا، وجعلها نافية بالنظر إلى المعنى، وإذا قلت: ما قام زيد، لا بل عمرو، تكون تأكيدًا للنفي المتقدم، ولا تكون نافية، لأن نفي النفي بأداة نفي ليس من كلام العرب، وكذا في: لا تضرب زيدًا، لا بل عمرًا، هي تأكيد لمعنى النفي الذي يدل عليه أداة النهي، ولا تكون على غير التأكيد لما تقدم في النفي. قال ابن عصفور: وهذا الذي ذهب إليه من زيادة "لا" على "بل" في النفي والنهي لا ينبغي أن يقال به، إلا أن يشهد له السماع، لأن الجمع بين أداتي نفي على جهة التأكيد قليل في كلام العرب. انتهى. وما ذهب إليه ابن درستويه واستبعده ابن عصفور مسموع من لسان العرب، قال الشاعر في النفي: "وما سلوتك لا بل زادني شغفًا ... البيت" ومن زيادتها بعد النهي قول الآخر:

لا تملَّنَّ طاعة الله لا بل ... طاعة الله ما حييت استديما

ومن زيادتها في الموجب البيتان السابقان: وجهك البدر، وقوله: وكأنما اشتمل الضجيع. ويقال في لا بل: نابن، بإبدال اللامين نونًا، و: نابل، و: لابن، بإبدال إحدى اللامين نونًا. انتهى كلام ابن حيان. وقول المصنف: ويزاد قبلها لا، يعني: يزاد قبل "بل" "لا" سواء كانت عاطفة أم لا، فيرجع الضمير إلى بل المطلقة لا المقيدة بالعطف، وإن كان ظاهر كلامه موهمًا. وتمسك به بعض من كتب على هذا الكتاب، وهو الشيخ محمد الحموي، فاعترض على المصنف فقال: أنت خبير بأن بل في هذا البيت غير عاطفة، لدخولها على الجملة، والكلام في زيادة "لا" قبل "بل" العاطفة، لأن الضمير من قول المصنف: وتزاد "لا" قبلها لتوكيد الإضراب بعد الإيجاب، عائد إلى بل العاطفة، وكذلك الضمير من قوله: ولتوكيد تقرير ما قبلها

<<  <  ج: ص:  >  >>