وأجاب الأخفش بأن ثم هنا بمعنى الواو لمطلق الجمع، وردّ عليه بعضهم بأنه لو صح هذا لجاز: اختصم زيد ثم عمرو، وهو غير جائز باتفاق. قال الدماميني: لا خفاء في كون القائل بأن ثم تستعمل بدون ترتيب كالواو، يقول بأن ذلك استعمال مجازي، ولا يشترط في آحاد المجاز أن تنقل أعيانها عن أهل اللغة، بل يكتفي بالعلاقة على المذهب المختار، والعلاقة المصححة هنا الاتصال الذي بين هذين الحرفين، من جهة أن الواو لمطلق الجمع، وثم لجمع مقيد، والمطلق داخل في المقيد، فثبت أن بينهما اتصالًا معنويًا، فجاز استعمال ثم بمعنى الواو مجازًا لذلك، وحينئذ السعي في تأويل تلك الأمثلة بما يصحح الترتيب فيها نظر في أمر جزئي لا يقتضي بطلان المدعى من أصله. انتهى.
والبيت من شعر المولدين، وأوله مغير قد اشتهر بالتغيير، وهو أول أبيات سبعة لأبي ناس الحكمي، واسمه الحسن بن هانئ، مدح بها العباس بن عبيد الله ابن أبي جعفر، وهي:
قل لمن ساد ثمَّ ساد أبوه ... قبله ثم قبل ذلك جدُّه
وأبو جدّه فسادا إلى أن ... يتلاقى نزاره ومعدُّه
ثمَّ آباؤه إلى المبتدا من ... أبه لا أبٌ وأمّ تعدُّه
يا ابن بحبوحة البطاح عبيد الله غوثًا من مستغيث تودُّه
فاهتبل عندي الصَّنيعة واذخرني لقولٍ أجيده وأجدُّه
واستزدني إلى مكارمك الغرَّ وفضلٍ إليك خيَّم مجده
عبدريٍّ إذا انتمى أبطحيٍ ... تالدٍ نسجه عتيقٍ فرنده