للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن أحاشي فيه ليس مضارع "حاشا" الاستثنائية، قال أبو حيان في "شرح التسهيل": وقوله: وليس "أحاشي" مضارع حاشي المستثنى بها، خلافاً للمبرد، استدل المبرد على فعلية حاشا بقول النابغة: ولا أرى فاعلاً ... البيت. قال المصنف في الشرح: هذا غلط، لأن حاشا إذا كانت فعلاً، وقصد بها الاستثناء؛ فهي واقعة موقع إلا، ومؤدبة معناها، فلا تتصرف، كمالا تتصرف عدا وخلا وليس ولا يكون، بل هي أحق بمنع التصرف، لأن فيها مع مساواتها للأربع شبهاً بحاشا الحرفية لفظاً ومعنى، وأما أحاشي فمضارع حاشيت، بمعنى: استثنيت، وهو فعل متصرف مشتق من لفظ حاشا، كما اشتق سوفت من لفظ سوف، ولوليت من لفظ لولا، ولاليت من لفظ لا، وأيهت من لفظ إيها، وأمثال ذلك كثيرة. انتهى.

والبيت من قصيدة طويلة للنابغة الذبياني، مدح بها النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وتنصل بها عما قذفوه به، وهي من القصائد الاعتذاريات، وتقدم شرح أبيات منها في الإنشاد الثالث والعشرين، وشرح أبيات أخر منها في الإنشاد الواحد والتسعين. وبعده:

إلاَّ سليمان إذ قال إلا له له ... قم في البريَّة فاحددها عن الفند

وقوله: ولا أحاشي، أي: لا أستثني أحداً ممن يفعل الخير، فأقول: حاشا فلان. ومن زائدة، وقوله: إلا سليمان؛ هذا استثناء من قوله: من أحد، أو بدل من موضع أحد، والمراد به سليمان بن داود عليهما السلام. وقوله: إذ قال الإله له، يريد: لكونه نبياً، وإنما خصه بالذكر لأنه كان له الملك مع النبوة، يريد: لا يشبه أحد ممن أوتي الملك إلا سليمان بن داود. وقوله: فاحددها، أي: امنع البرية، والحد: المنع، والفند، بفتح الفاء والنون:

<<  <  ج: ص:  >  >>