للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أردت ذلك المعنى أتيت بإلى، فقلت: أكلت السمكة إلى وسطها، وسرت النهار إلى نصفه، فإلى في استعمالها لانتهاء الغاية أقعد من حتى، لأنها تدخل على كل ما جعلته انتهاء غاية، وسواء في ذلك بأن يكون آخر جزء من الشيء، أو ملاقياً لآخر جزء، أو لا يكون، ولما كانت إلى أقعد منها في ذلك، جروا بها الظاهر والمضمر، ولم يجروا بحتى إلا الظاهر. انتهى.

وما استدل به المصنف من قوله: عيَّنت ليلة ... البيت، لا حجة فيه، لأنه لم يتقدم حتى ما يكون ما بعدها جزءاً له، ولا ما يكون ما بعدها ملاقياً لآخر جزء منه في الجملة المغيا العامل فيها حتى، فليس البيت نظير ما مثل به أصحابنا من قولهم: أكلت السمكة حتى وسطها، لأنه تقدم السمكة في الجملة المغيا العامل فيها بحتى، وليس الوسط آخر جزء في السمكة، ولا ملاقياً لآخر جزء منها، فلو صرح بذكر الليلة فقال: فمازلت راجياً وصلها تلك اللية حتى نصفها؛ كان ذلك حجة الزمخشري، ونحن نقول: إذا لم يتقدم في الجملة المغياة بحتى ما يصح أن يكون ما بعد حتى آخر جزء منه، أو ملاقياً آخر جزء منه، جاز أن تدخل على ما ليس بآخر جزء ولا ملاق آخر جزء إذا تقدم على الجملة المغياة ما يصلح أن يكون ما بعد حتى جزءاً من ذلك السابق على الجملة، ولا يعتبر فيه كونه آخر جزء منه، ولا ملاقياً لآخر جزء منه لذلك البيت الذي أنشده المصنف. هذا آخر كلام أبي حيان، ونقله محبّ الدين ناظر الجيش في شرحه، وقال: ولم يظهر لي ما قاله، لأن الشاعر وإن لم يصرح بذكر الليلة، فمراده: فما زلت تلك اللية. ولو لم يكن ذلك مراده لم يكن للضميَّر المضاف إليه النصف مفسّر يعود عليه. وقد قال المصنف: إن مجرور حتى بعض لما قبلها من مفهم جمع إفهاماً صريحاً أو غير صريح، ومثَّل لغير الصريح بقوله تعالى: (ليسجننَّه حتى حين) [يوسف/٣٥] والحاصل أنه لا يلزم من عدم الذكر لفظاً عدم الإرادة والتقدير. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>