للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل مقدّمه الأمير طاز بن الأمير كتبغا نوين الذي قتل بأرض الشام على عين جالوت، وجاءه الأمير قرا سنقر المنصوري أيضا في ثلاثماية فارس ملبّسة بالحديد والسلاح التامّ على زيّ عساكر مصر والشام، وجاءه ابنه دمرداش من جهة ثغر الروم بطائفة كبيرة من الجيوش المجمّعة. وركب أبو سعيد أيضا في خاصة جيشه، وساق معهم ليبيّن لجوبان أنّه معه لا معهم.

وأمّا قرمشي وإيرنجي ودقماق فإنهم ساقوا خلف جوبان إلى أن وصلوا إلى مدينة تبريز (١)، فغلّقت أبوابها دونهم وخيف منهم القتل والنهب، واضطرب البلد اضطرابا شديدا، وخرج إليهم نائبها وهو الحاجّي قطق بمأكول ومشروب وعلوفات، فمسكوه وعلّقوه برجليه، وأخذوا منه سبعين ألف دينار رائج عنها من الدراهم أربع ماية ألف درهم وعشرون ألف درهم، وجعلوا ذنبه أنهم قالوا له: لأيّ شيء خدمتم جوبان وتلقّيتموه بالإكرام وغلّقتم أبواب المدينة دوننا، ولا فرق بيننا وبينه. ثم ساقوا متوجّهين، ولم يلبثوا خارج تبريز إلاّ دون يوم حتى وصلوا إلى مدينة من أعمال أذربيجان اسمها ميانة، ثم ساقوا منها إلى مدينة زنكان، ومنها إلى ضيعة اسمها ديه منارة، فتوافوا هم وجوبان في هذا المكان، ووقعت العين في العين.

فلما رأى الأمير إيرنجي أبا سعيد وأعلامه تحيّر وقال لأصحابه: هذا كان معنا صار علينا وما ندري كيف نصنع بحربه. فقال له قرمشي: لا بدّ من الحرب فاثبت لهم فإنّ السلطان في الباطن معنا وما ركب مع جوبان إلاّ ليبرّئ عرضه في الظاهر من هذه القضية، فتصافف الجيشان، وخاف إيرنجي أن يبادي أبا سعيد بالحرب، وكذلك سائر من كان معه تحيّروا في هذا الحرب كيف يكون سوى قرمشي/٣٠٨ ب/فإنّه سيّر إلى جوبان يقول له:

علّم لي علامة اقصدها وأجيء إلى طاعتك وأصالحك وتبطل هذه الحرب، فعلّم له جوبان علما، ولم يقف تحته خوفا من غدر يقع. فلما رأى قرمشيّ العلامة التي قيلت له حمل على موضع تلك العلامة ظنّا أنّ جوبان تحتها، فلم يجده، ومدّ يده بالسيف، والتحمت الحرب، وتقدّم الأمير طاز والأمير قرا سنقر المنصوري، وقاتلا قتالا شديدا، ودارت الحرب بينهم قليلا، وانكسر إيرنجي ورفاقه، والتجأ أكثر من كان معهم من العساكر إلى تحت أعلام أبي سعيد، وقالوا: كيف يحلّ لنا أن نقاتل سلطاننا أو نخرج عليه لأجل أقوام خوارج، ودارت الدائرة على إيرنجي ورفاقه المذكورين، وهرب إيرنجي فأدركوه وقبضوا عليه، وتتبّعوا قرمشي حتى أدركوه، وكذلك فعلوا بدقماق وأخيه، وحملوا جميعهم إلى المدينة السلطانية، وعمل لهم يرغوا (٢)، أي عقد لهم مجلس، فقالوا كلّهم عن يد واحدة:


(١) في نهاية الأرب ٣٢/ ٢٩٨ «بتبريز»، وفي الأصل: «تبيزيز».
(٢) في نهاية الأرب ٣٢/ ٢٩٩ «يزغو».

<<  <  ج: ص:  >  >>