للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عملنا هذا الذي عملناه إلاّ باتفاق أبي سعيد معنا وبإذنه لنا في ذلك، حتى قال قرمشي لجوبان: أنا جاءني يوسف بكا ومحمد هرزه برسالة أبي سعيد في حربك وقبضك وقتلك.

قال: فأحضر جوبان المذكورين، وقال: أنتما رحتما برسالة من أبي سعيد إلى قرمشي في أمر كذا وكذا؟

فقالا: نعم.

فأنكر أبو سعيد ذلك، وقال: أنا ما عندي خبر من هذا، ويوسف بكا ومحمد هرزه كذبا عليّ فاعمل معهما الذي يجب عليهما من حدّ الكذب والافتراء على السلطان.

قال: فثبت على الجميع القتل بالياسّة (١) التتارية والسياسة الشرعية.

قال: وأما إيرنجي فلما حكموا عليه بالقتل قيل إنه قال لأبي سعيد: هذا ما هو خطّك معي بالإذن لنا في قبض جوبان وقتله.

قال: وأخرج خطّا من خريطته بذلك (وشتم الملك واجترأ عليه لكونه خال والده) (٢)، فجحد الملك أبو سعيد جميع ذلك، وحكم على الكلّ بالقتل والشهرة، وقال لجوبان: اعمل معهم بمقتضى الياسّة، فإنّ هؤلاء خرجوا عليّ وعليك وقصدوا قتلك/٣٠٩ أ/وفساد حالك.

قال: فتسلّمهم جوبان وقتلهم، فأول من ابتدأ (٣) بقتل إيرنجي، وقال: هذا ينبغي أن يعذّب قبل أن يقتل فغيّروه بين أضلاعه بقنانير (٤) الحديد، فبسط لسانه بالسبّ الفاحش لأبي سعيد، فأرادوا أن يقطعوا لسانه، فعجزوا عن ذلك، فضربوه بسيخ حديد تحت حنكه خرج من دماغه فمات، فبقي مقنّرا ميتا يومين، ثم قطعوا رأسه وطافوا به بلاد خراسان وأذربيجان والعراقين والروم وديار بكر، وقنّروا قرمشي قبالة إيرنجي، وكذلك فعلوا بدقماق وأخيه أرس (٥).


(١) الياسّة: هو القانون الذي وضعه جنكيز خان القائم بدولة التتار في بلاد المشرق، وتضمّن الأحكام الخاصة بالجزاء والعقاب، ويشتمل على عقوبات صارمة توقع على المذنبين. وكان هدف جنكيز خان من إصدارها توحيد شعوب الإمبراطورية وإخضاعها جميعا لنظام صارم، ووضع حدّ للحروب بين القبائل. (نهاية الأرب ٣٢/ ٢٩٩ بالحاشية ١، والمواعظ والاعتبار ٢/ ٢٢٠،٢٢١، والمغول في التاريخ ٢٣٧ لفؤاد عبد المعطي الصياد، ومعجم المصطلحات ٤٤٥، و. (Grousset :L'Empire des Steppes،P .٦١٣)
(٢) ما بين القوسين عن هاشم المخطوط.
(٣) في الأصل: «ابتداء».
(٤) في نهاية الأرب: «بقناطير».
(٥) إلى هنا في: نهاية الأرب ٣٢/ ٢٩٦ - ٣٠٠ وهو ينقل عن البرزالي، رحمه الله، وانظر: البداية والنهاية ١٤/ ٩٣،٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>