للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كسب الرعية، وخرجوا به مطمئنّين لآخر أرض المسلمين.

وكانوا في ليلة السبت قد اجتمعوا بفارسين من المسلمين كانا يمشيان من انتقيره (١) إلى رنده طامعين في اللحوق (٢) بالجيش والدخول معه للإغارة، فأخذ أعداء الله الفارس الواحد وسألوه، وتحقّقوا الحال زيادة لما كان عندهم. وهرب الآخر فأصبح بحصن ارتجيطر حصن الوزير الحكيم، رحمه الله، فوجد به الشيخ أبا يحيى مقلعا لرنده قد حبسه الله به يوم الجمعة، فعرّفه بالحال وهو بجماعة مالقه خاصّة، فلم يكن له بدّ من الرجوع إلى النصارى، فحظر على حصن طبسة وأخذ من فرسانها، وتآلف معه نحو من ثلاثمائة فارس ممّن يعوّل عليهم وترك الضعفاء والثقلة في الساقة، ونهض إلى حيث ذكر له الفارس أنه لقيهم أول الليل في دخولهم فوجدهم ثمّ قد خرجوا بالمغنم بموضع يقال له برجه (٣) من تحت حصن بيربى (٤)، وذلك بعد الظهر، فأخذ أعداء الله وطلعوا في كدية عالية، ونزل أنجاد فرسانهم للقتال مع المسلمين فقاتلوهم قتالا شديدا ضرب فيه للمسلمين نحو من ثلاثة وستين فرسا ومات أكثرهم، واستشهد رجل واحد يقال له سعد الهدّار (٥)، وقتل من فرسان النصارى كثير، ثم ظهرت ساقة المسلمين على الأثر واصلة مع أهل برغه، والطورون، فارتجع من عاش من فرسان النصارى إليهم للكدية، وحصّنوا على أنفسهم بالبراذع والدوابّ والدرق، وامتنعوا فيها، ووصل الرماة من انتقيرة وحصن المنشاة. وكان العون من الله تعالى عليهم، فما زالوا يحاولوهم (٦) ويقاتلوهم (٧) إلى ثلث الليل الآخر، وفي ثلث الليل الآخر أذعن من بقي منهم في قيد الحياة للأسر، فألقي منهم نيّف على الخمس ماية أحياء أسروا كلّهم وسائرهم موتى بالرماح والسهام. ورجع الشيخ أبو يحيى/٣٣٣ ب/بهم إلى مالقة ببروز عظيم، وجعل منهم أربع ماية أسير واثنين وثمانين أسيرا في حبل واحد وسائرهم مثقلين (٨) بالجراح (٩)، وأخذ دوابّهم فركّبهم عليهم (١٠) بعدّة عظيمة، وأخذ منهم قاضي النصارى بأستجة وجعل ما ضمّ للمغنم من


(١) انتقيرة: حصن بين مالقة وغرناطة. (معجم البلدان ١/ ٣٠٧).
(٢) الصواب: «اللحاق».
(٣) في نهاية الأرب ٣٢/ ٣١٦ «برجمه».
(٤) في نهاية الأرب ٣٢/ ٣١٦ «حصن سم لي».
(٥) في نهاية الأرب ٣٢/ ٣١٦ «سعد الهمداني».
(٦) في نهاية الأرب ٣٢/ ٣١٦ «يجاولونهم».
(٧) الصواب: «يجاولونهم ويقاتلونهم».
(٨) الصواب: «وهم مثقلون».
(٩) في نهاية الأرب ١٢/ ٣١٦ «بالخراج».
(١٠) الصواب: «فركّبهم عليها».

<<  <  ج: ص:  >  >>