للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا انتهاء الكتاب بانتهاء سنة ٧٣٨ هـ‍. فلدينا دليلان مؤكّدان، الأول هو قول:

«ابن كثير» في آخر وفيات سنة ٧٣٨ هـ‍. من كتابه «البداية والنهاية» بعد ترجمته لابن القيّم المتوفّى ١٧ ذي الحجة: «وهذا آخر ما أرّخه الحافظ علم الدين البرزالي في كتابه الذي ذيّل به على تاريخ الشيخ شهاب الدين أبي شامة المقدسي. وقد ذيّلت على تاريخه إلى زماننا هذا، وكان فراغي من الانتقاء من تاريخه في يوم الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة من سنة إحدى وخمسين وسبع مئة» (١).

والدليل الثاني هو كتاب «تاريخ حوادث الزمان. . .» لابن الجزري، الذي ينتهي بتراجم وفيات سنة ٧٣٨ هـ‍، أيضا، ومعظم وفيات هذه السنة مأخوذة من تاريخ البرزالي، ولهذا اعتقد الكثير من الباحثين أنّ تاريخ ابن الجزري هو من تأليف البرزالي (٢)، والذي يقوّي هذا الاعتقاد-غير الصحيح-هو العبارة التي وردت في آخر مخطوط «تاريخ حوادث الزمان». ونصّها: «كاتب هذا الجزء الشيخ الإمام الحافظ علم الدين بن البرزالي، وهو أكبر موقّعين (!) الحكم العزيز بدمشق، وسمعه بدار الحديث النورية. . . نظر فيه ودعا لمؤلّفه الشيخ علم الدين البرزالي، العبد الفقير إلى الله تعالى: محمد بن عبد الله الرحبيّ. . . (٣)».

لقد كان «البرزالي» على صلة وثيقة بابن الجزري، وكان يعنى بالتأريخ والوفيات مثله، وهما متعاصران، متقاربان في العمر تقريبا، إذ ولد ابن الجزري سنة ٦٥٨ وولد البرزالي سنة ٦٦٥ هـ‍. وبينهما سبع سنين فقط، وتوفّيا في سنة واحدة ٧٣٩ هـ‍. فكان ابن الجزري هو الأسبق، بنحو عشرة أشهر، حيث توفي ليلة الإثنين ١٢ ربيع الأول.

وعندما توفي كتب البرزالي ترجمته في آخر كتابه «تاريخ حوادث الزمان»، وقال في آخرها: «وكان بينهما مودّة كبيرة، ومحبّة وافرة، وصحبة أكيدة، وله خبرة بأحواله، وما كان عليه من الأحوال الصالحة» (٤). وكان «ابن الجزري» يكنّ الودّ والمحبّة لصاحبه البرزالي، ويقدّمه على غيره، ولا يثق إلاّ بروايته وتأريخه، وقد أكدّ ذلك في غير موضع من كتابه، ففي حوادث سنة ٧٣٥ استفاض بدمشق دخول عسكر حلب إلى


= وجاء في: إرشاد الطالبين إلى شيوخ قاضي القضاة شيخ الإسلام أبي حامد محمد بن عبد الله ابن ظهيرة أن أبا المعالي محمد بن رافع بن هجرس الصميدي السلامي المتوفى سنة ٧٧٤ هـ‍. جمع «ذيلا على تاريخ دمشق للحافظ أبي محمد البرزالي» (ج ٢/ ٤٧٦ - ٤٨٢)، فكأن «تاريخ البرزالي» هو «تاريخ دمشق»! وهذه تسمية لم يذكرها غيره.
(١) البداية والنهاية ١٤/ ١٨٣.
(٢) التاريخ العربي والمؤرّخون ٤/ ٤٥.
(٣) تاريخ حوادث الزمان ٣/ ١٠٧٠.
(٤) تاريخ حوادث الزمان ٣/ ١٠٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>