للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاد سيس وخروجه منها سالما، فكثر القول في ذلك واختلف «فلم أعتمد على شيء منه فأكتبه سوى خط الحافظ علم الدين البرزالي، فنقلته، وهو ما صورته. . (١)»، ووقع في حماه حريق عظيم، وزاد القول ونقص واختلف «فنقلت أيضا من خط الحافظ علم الدين ما صورته. . (٢)»، ونقل عنه أيضا خبر الزلزلة بالقاهرة في سنة ٧٣٥ هـ‍ (٣). ويبدي «ابن الجزري» مشاعره الحميمة نحو صاحبه البرزالي بشكل واضح على صفحات كتابه، عندما يذكر في أثناء وفيات ٧٢٧ هـ‍. أنه لم يبق للبرزالي من الأولاد سوى بنت واحدة هي قرّة عين له، وقد ولدت فمات ابنها وهو جنين في بطنها، فنذر هو إن عافاها الله من ذلك أن يصوم يوما شكرا، وتصدّق بشيء يسير، ودعا لها. وكان أبوها مريضا في ذلك الوقت (٤)، ويظهر أنه كانت تربط بين المؤرّخين علائق أسريّة، حيث كتب ابن الجزري يدعو الله تعالى أن يمدّ بنت البرزالي بالعافية، ويحبسها على والدتها.

وعندما توفيت بنت البرزالي كان ابن الجزري مريضا يعاني من ألم في ظهره، فلم يتمكّن من تشييع جنازتها، فكتب يعزّي والدها:

أيا علم الدين الذي بصفاته … محاسن لم يبرح بها عالي القدر

أعزّيك فيمن قد مضت لسبيلها … مكمّلة الأوصاف طيّبة الذكر

أنا خجل، يا مالكي من تخلّفي عن … السّعي معمن راح معها إلى القبر

ولكنّني في شدّة بي مضرّة بها … قد حرمت النوم من وجع الظهر

وفي هكذا من مدّة في تألّم وفي … وجع بي قد عدمت به صبري

وإنّي مع التقصير صرت حقيقة … بهذا الذي قد صار بي واضح العذر

فأحسن ربّ العرش فيها لك الجزا … أو عوّضت عنها بالثواب وبالأجر (٥)

وكان بين البرزالي وشقيق ابن الجزري «أحمد بن إبراهيم بن أبي بكر» المتوفّى سنة ٧٠٠ هـ‍. صحبة، وسمع «أحمد» هذا بقراءة البرزالي كثيرا من الحديث على شيوخ كثيرين، وكان يقصد السماع بقراءته ويحفظ أسماء مسموعاته وشيوخه، ويذاكره في ذلك (٦). وكان ولد المؤرّخ ابن الجزري يصحب البرزالي في إحدى رحلاته إلى


(١) تاريخ حوادث الزمان، لابن الجزري ٣/ ٧٦٩.
(٢) تاريخ حوادث الزمان، لابن الجزري ٣/ ٧٧٢.
(٣) تاريخ حوادث الزمان، لابن الجزري ٣/ ٧٧٣.
(٤) تاريخ حوادث الزمان، لابن الجزري ٢/ ٢١١.
(٥) تاريخ حوادث الزمان، لابن الجزري ٣/ ٨٤١.
(٦) المقتفي ٢/ورقة ٣٤ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>