للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تأول بيت حجدر من ذهب إلي التزام مضيه بأنه يكون علي حكاية المستقبل بالنظر إلي المضي، قال: وكأنه قال: فإن أهلك فربَّ فتي بكى علي فيما كضى وإن كنت لم أهلك، فكيف يكون بكاؤه علي إذا هلكت! فأوقع سيبكي موقع بكى لأجل الحكاية، وحذف ما يتم به الكلام لفهم المعنى، والدليل علي أن المستقبل قد يحكى بالنظر إلي ما مضى أنك تقول: لم تركت زيداً وقد كان سيعطيك؟ ومن ذاك قوة امرأة من العرب ترثي زوجها:

يا موت لو تقبل افتداء ... كنت بنفسي سأفتديه

وهذا التأويل إنما يحتاج إليه إن قدر سيبكي جواباً لاصفة للمخفوض بها، وأما إن قدرته في موضع الصفة للمخفوض بربّ، وجعلت لها جواباً محذوفاً يراد به المضي، فلا يحتاج إليه، ويكون التقدير إذ ذاك: فربّ فتي سيبكى عليَّ مخضب رخص البنان؛ لم أقض حقه، فحذف ذلك لدلالة ما بعده، وهو قوله بعد:

ولم أك قد قضيت حقوق قومي ... ولا حقَّ المهنَّد والسِّنان

انتهي. وقال أبو حيان بعد ما نقل كلامه هذا: وأما استدلال المصنف بقول أم معاوية؛ فقولها: يا رب قائلة غداً .. هو من الوصف بالمستقبل، لا من باب تعلق ربّ بها، وأمَّا: ومعتصم، فإن سيردى يحتمل وأن يكون صفة لا متعلقاً به ربّ، وأمَّا: لا أظلله، فهو صفة أيضاً: وكذلك يا ربَّ غابطنا، فجميع ما استدل به علي استقبال ما يتعلق به ربّ لا دليل فيه، وأما قوله: فقمت .. البيت؛ وقوله: ألا ربَّ .. البيت، فما وصف فيها المجرور بالحال، لامما تعلقت به ربَّ.

وفي قول المصنف: ولا مضي ما تتعلق به، نص علي أنها تتعلق كحروف الجر غير الزوائد، وهذه مسألة اختلف فيها، فذهب الرماني وابن طاهر إلي أنها لا تتعلق بشيء، وقد حقق أبو حيان القول في عدم تعلقها. ونقل ما يتعلق فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>