والخمر، ثم استأذن علي تبع فأذن له وأجله معه علي زربية تحته، وتحدث معه وسأله عن أمواله بالمدينة فجعل يخبره عنها، فخرج من عنده فدخل خباءة فشرب الخمر، وقرض أبياتاً وأمر القينة أن تغنيه بها، وجعل تلَّع علمية حرساً، وكانت قينته تدعي ملكية، فقال: يشتاق قلبي إلي مليكة .. إلي آخر الأبيات المتقدمة، فلم تزل القينة تغنيه بذلك يومه وعامة ليلته، فلما نام الحرس قال لها: إني ذاهب إلي أهلي، فشدّي عليك الخباء، فإذا جاء رسول الله فقولي: هو نائم، فإذا أبوا إلا أن يرقظوني فقولي: قد رجع غلي أهله، وأرسلني إلي الملك برسالة، فإن ذهبوا بك إليه فقولي له: يقول لك أحيحة: اغدر بقينة أودع، ثم انطلق فتحصن في أطمه الضحيان، فأرسل تبع من جوف الليل إلي الأزياد فقتلهم، وأرسل إلي أحيحة ليقتله فقالت القينة: هو راقد، وترددوا إليها مراراً، ثم قالوا: لتوقظنَّه أو لندخلنَّ عليك، قالت: إنه قد رجع إلي أهله، وأرسلني إلي الملك برسالة، فذهبوا بها إليه، وأبلغته الرسالةـ فجرّد له كتيبة فحاصروه ثلاثاً، فكان يقاتلهم بالنهار، ويرميهم بالنبل والحجارة، ويرمي إليهم في الليل بالتمر فقالوا للملك: بعثنا إلي رجل يقاتلنا بالنهار، ويضيفنا بالليل! فتركه، وأمرهم أن يحرقوا نخلهـ وشبت الحرب بين أهل المدينة وبين تبَّع، فبينا يريد تبَّع إخراب المدينة أتاه حبران من اليهود، فقالا: أيها الملك انصرف من هذه البلدة فإنها محفوظة، وإنها مهاجر نبي من بني إسماعيل اسمه أحمد يخرج من هذا الحرم، فكفَّ عن أهلها. إلي هنا كلام "الأغاني" باختصار.
والأكم بضمتين: جمع أطمة، بفتحات، وهي حصون لأهل المدينة، والضحيان، بفتح الضاد المعجمة وسكون الحاء المهملة بعدها مثناة تحتية: اسم حصن لأحيحة، وله حصن آخر اسمه المستظل.