قال أبو حيان: استدل الأخفش على اسمية على بقول العرب: سويت علي ثيابي، ووجه الدلالة أنه قد تقرر أن فعل المضمر لا يتعدى إلى مضمره المتصل لا بنفسه ولا بواسطة، فلا تقول: زيد ضربه، تريد: ضرب نفسه، ولا: فرحت بي، تريد: فرحت بنفسي، وفي: سويت علي، قد تعدى إلى ضميره المتصل، فوجب أن يعتقد في "على: أنها اسم، لأنه يجوز: سويت فوقي ثوبي، قال بعض أصحابنا: وكذلك ينبغي أن يجعل "على" اسمًا في قول الشاعر: هون عليك .. البيت، للعلة التي ذكرها الأخفش، وكذلك في قوله: دع عنك نهبًا .. البيت، وهذا الذي ذهب إليه الأخفش وبعض أصحابنا لا يطرد، بل هو مراد غالب، لكنه قد جاء ذلك التعدي، قال تعالى:{وهزِّي إليك}[مريم/ ٢٥] وقال تعالى: {واضمم إليك}[القصص/ ٣٢] ولم يذهب أحد إلى أن "إلى" اسم/ فكذلك "على" فيما ذكر، لكن تلك التعدية قليلة. انتهى. وبعد هذا البيت:
فليس بآتيك منهيُّا ... ولا قاصرٌ عنك مأمورها
قوله: هون عليك، أي: لا تتعب نفسك في طلب شيء، وعلل ذلك بقوله: فإن الأمور .. الخ، وقوله: بكف الإله؛ قال الدماميني: أراد بكف الله: يده، والمراد بها القدرة؛ ولا أعرف أنه ورد.
وأقول: قوله: والمراد بها القدرة؛ هذا على مذهب أهل التأويل، قال البيضاوي في "طوالع الأنوار": الأولى اتباع السلف فى ترك التأويل والرد إلى الله. وقوله: ولا أعرف أنه ورد، قد ورد في "الصحيحين" وغيرهما في فضل الصدقة في حديث أبي هريرة: "وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن" وفي حديث آخر: "إنما يضعها في كف الرحمن" أخرجه مالك في "الموطأ"