للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان حق المرمل أن يكون مرفوعًا، لأنه صفة نسج، لكنه جره لمجاورة العنكبوت، ومثله ما استشهد به سيبويه من قول العجاج:

كأنَّ نسج العنكبوت المرمل ... على ذرا قلَّمه المهدَّل

سبوب كتّانٍ بأيدي الغسُّل

القلام كزَّار: ضرب من النبت الذي يعرف بالقاقّلى، زالذرا: الأعالي، جمع ذروة، والمهدّل: المتدلي الأغصان، يعني: أن العنكبوت قد نسجت على القَّلام الذي حول هذا الماء، والسبوب: جمع سب، بالكسر، وهو ثوب رقيق من كتان أبيض، شبه ما نسجت العنكبوت على هذا الماء بثوب رقيق من الكتان، والغسَّل: جمع غاسل وغاسلة، وجاء بالمرمل مجرورًا بمجاورته للعنكبوت المجرور وحقه النصب، لأنه نعت لنسج وقوله: قردانه: جمع قراد، وهزلي: جمع هزيل بمعنى مهزول، كقتلى جمع فتيل، وهزاله من جوعه، لأن هذا المنهل لا يأتيه حيوان حتى يمصَّ دمه، فهو قفر، والعرب تفتخر بقطع القفار التي لا يهتدي فيها أحد، وقال ابن السيد: المرمل: المنسوج، يقال: رملت الحصير وأرملته، وهو مخفوض على الجوار، ويجوز أن يكون صفة للعنكبوت على أنه يريد: المرمل نسجه، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه النسج مقامه، فاستتر في المرمل، لأن الضمير المرفوع إذا كان مفردًا استتر في الفعل وما ينوب مناب الفعل، وإنما يظهر في التثنية والجمع، وعلى هذا الوجه يحمل قول العرب: "هذا حجر ضبّ خربٍ" فيكون خرب صفة لا مخفوضًا. وهذا الشعر فسرناه على ما رواه النحويون، لأنهم رووه بفتح الميم من المرمل، فاحتيج فيه إلى هذا التكلف، ولو روي بكسر الميم لم يحتج إلى هذا، وكان صفة للعنكبوت على ما بحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>