الأذهان في إخراج خبيئه، ثم دعنى وإياه، فقال: أتعرف بيتًا أوله أعرابي في شملته، هابً من نومته، كأنما ورد على ركب جرى في أجفانهم الوسن، فظل يستفزهم بعنجهيّة البدو، وتعجرف الشدو، وآخره مدني رقيق، غذي بماء العقيق؟ قال: لا أعرفه، قال: هو بيت جميل:
ألا أيُّها الرَّكب النيام ألا هبُّوا
ثم أدركته رقة الشوق فقال:
أسائلكم هل يقتل الرَّجل الحبُّ
قال له: أفتعرف أنت بيتًا أوله أكثم بن صيفي في أصالة الرأي ونبل العظة، وآخره إبقراط لمعرفته بالداء والدواء؟ قال: قد هوّلت علي، فليت شعري بأي مهر تفترع عروس هذا الخدر؟ ! قال: بإنصاتك وإنصافك، وهو بيت الحسن بن هانئ: دع عنك لومي .. البيت. وقد أورد هذه الحكاية ابن عبد ربه في "العقد الغوَّاص" حكاية ظريفة تتعلق ببيتي الأعشى وأبي نواس أحببت إيرادها هنا، قال: حكي أن حامد بن العباس سأل علي بن عيسى في ديوان الوزارة عن دواء الخمار وقد علق به، فأعرض عن كلامه، وقال: ما أنا وهذه المسألة! فخجل حامد منه، ثم التفت إلى قاضي القضاة أبي عمر، فسأله عن ذلك، فتنحنح القاضي لإصلاح صوته، ثم قال: قال الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا}[الحشر /٧] وقال النبي (صلى الله عليه وسلم):