انتهى: ولقد تحامل على أبي نواس في ادعاء الكلفة على أن مأخذ بيته ليس قول الأعشى، وإنما أخذ عجزه، وأما صدره فمن قول غلام نصراني، كما حكاه عنه أبو هفان فيما رواه جامع ديوانه على بن حمزة بن الحسن الأصبهاني قال: وروى أبو هفان عن أبي نواس قال: دخلت يومًا إلى بعض الخرابات، فرأيت قربة مملوءة ماء مسندة إلى حائط، فلما توسطت الخربة، أبصرت نصرانيًا قد علاه سقاء، فلما وقع بصره عليّ، انفصل عن النصراني، وأخذ قربته وعدا، فقام النصراني غير محتشم يشد سراويله في وجهي، وأقبل علي فقال:
أفزعت ذا نبعةٍ في رأسها كرةٌ ... كانت شفائي وفقداني لها داء
فمرَّ يسعى بها مثل الحمار وهل ... عارٌ بمثلي أن يعلوه سقَّاء
قال أبو نواس: فعجبت من بديهته، وقربت إليه، وقبضت على ركابه، فيما استوى في سرجه، نقر كتفي وقال: لا تلومن أحدًا على هواه، فإن لومك إياه إغراء، فانصرفت عنه سارقًا لفظته، فقتل من ساعتي:
قال ابن قتيبة في ديباجة "كتاب الشعراء": كان الناس يستجيدون قول الأعشى:
وكأسٍ شربت على لذَّةٍ ... وأخرى تداويت منها بها
إلى أن قال أبو نواس: دع عنك لومي .. البيت، فزاد فيه معنى اجتمع له به الحسن في صدره وعجزه، فللأعشى فضل السبق، ولأبي نواس فضل الزيادة عليه. وقال الرشيد للمفضل الضبي: اذكر لي بيتًا يحتاج إلى مقارعة