للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنصب، ومن ثم قال صاحب"البسيط": ولو ظهر الخير بغير أن يفعل لافتضح الأخفش، انتهى.

قال الدماميني: والبيت يحتمل وجهين آخرين، أحدهما: أن يكون"نار كأس" اسم عسى، والضمير المنصوب نائبًا عن ضمير الرفع وهو مثل: عسى زيد قائم، على ما حكاه ثعلب، وعلى كلا الوجهين لا يتم الرد. انتهى. أقول: لا يصح الأول لأن المراد الإخبار عن النار التي رآها بأنها نار كأس، لا العكس، وكذا لا يصح الثاني لأن أبا حيان قال: هذا شيء، لا يعرفه البصريون، ولو كان كما زعم لكان ثابتًا في نظمهم أو نثرهم، ولا نحفظه جاء من كلامهم، انتهى.

وعلى تقدير ثبوته فهو نادر جدًا، وتخريج المصنف إياه على إضمار ضمير الشأن في عسى، قال الرضي: هذا الإضمار ليس بمشهور من أفعال المقاربة إلا في كاد، ومن [الأفعال] الناقصة إلا في كان وليس، انتهى.

والبيت من قصيدة لصخر بن الجعد الخضري ومطلعها:

تذكَّرت كأسًا إذ سمعت حمامةً ... بكت في ذرا نخلٍ طوالٍ جريدها

دعت ساق حرِّ فاستجيب لصوتها ... موَّلهة لم يبق إلاّ شريدها

فيا نفس صبرًا كلُّ أسباب واصلٍ ... سيملى لها أسباب صرمٍ يبيدها

وليلٍ بدت للعين نارٌ كأنَّها ... سنا كوكبٍ لا يستبين خمودها

فقلت عساها نار كأسٍ وعلَّها ... تشكِّي فأمضى نحوها فأعودها

فتسمع قولي قبل حتفٍ يصيبني ... تسرُّ به أو قبل حتفٍ يصيدها

كأن لم نكن يا كأس إلفي مودَّةٍ ... إذ النّاس والأيّام ترعى عهودها

<<  <  ج: ص:  >  >>