وذهب أبو العباس إلى أن «أن أذنا قتيبة» بمعنى إن المشددة, ومعنى أتغضب, يعني: أتغضب قيس من قتل قتيبة بن مسلم, ولم تغضب لقتل عبد الله بن خازم السلمي! وهما جميعًا من قيس, وقاتلاهما من بني تميم, وإنما يريد الفرزدق بهذا علو بني تميم على قيس, والوضع من قيس في العجز على الانتصار وطلب الثأر, انتهى كلام السيرافي.
وقال أبو علي في «المسائل المنثورة»: يجوز أن يكون أراد: أتغضب إن حزتا, فتكون إن للشرط, ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة, كأنه أراد: أتغضب إنه أذنا قتيبة, ولا يجوز أن تكون أن التي تنصب الفعل, لأنك قد حلت بينها وبين ما عملت فيه, انتهى.
وكونها مخففة من الثقيلة فيه نظر, فإن «إن» المكسورة المخففة مهملة لا يقدر لها ضمير شأن, ولو كانت مخففة اقتضى فتحها, لوقوعها بعد غضب.
وقول المصنف: وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى «إذ» قال إمامهم الفراء في تفسيره من سورة الزخرف عند قوله تعالى: {أفنضرب عنكم الذكر صفحًا أن كنتم} [الزخرف/٥]: قرأ الأعمش بالكسر وقرأ عاصم والحسن بفتح إن, كأنهم أرادوا شيئا ماضيًا, وأنت تقول في الكلام: أأسبك أن حرمتني! تريد: إذ حرمتني, وتكسر إذا أردت: أأسبك إن تحرمني.
ومثله: {لا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم} [المائدة/٢] تكسر إن وتفتح, والعرب تنشد قول الفرزدق:
أتجزع إن أذنا قتيبة حزتا
وأنشدوني:
أتجزع إن بان الخليط المودع ... وحبل الصفا من عزة المتقطع