للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أتى الفصل في المكسورة, قال تعالى: «وإن أحد من المشركين استجارك فأجره} [التوبة/٦] وقد رده أبو العباس المبرد. وتوهم أبو بكر مبرمان أنه إذا كسر فلا يجوز أن يكون أذنا قتيبة محزوزتين, لأن «إن» توجب الاستقبال, وقد أحاط العلم أن الفرزدق قال هذا الشعر بعد قتل قتيبة وحز أذنيه. وليس الأمر على ما ظناه, وذلك أن العرب قد نعادل ** وتفاضل بين الفعلين الماضيين في الموافقة, فتستقبل الكلام بهما كقول الله تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم} [الرعد /٥] وقول الشاعر:

إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن ... البيت

وقال الآخر:

إن يقتلوك فقد هتكت بيوتهم ... بعتيبة بن الحارث بن شهاب

والمخاطبان مقتولان, والقتل واقع بهما, وقد كسر إن, وقد قال الله عز وجل: {فلم تقتلون أنبياء الله} [البقرة /٩١] وقد علم أن قتلهم قد مضى قبل هذا الخطاب, وهذا ونحوه يحمل على فعل غير الظاهر, كأنهم افتخروا بقتله, فقال: إن يفخروا بقتلك فإن الأمر كذا وكذا, وقوله عز وجل: {فلم تقتلون أنبياء الله} وافقهم على جهة التوبيخ لهم, كما يقول القائل لمن يعنقه بما سلف من فعله فيقول: ويحك لم تكذب؟ لم تبغض نفسك إلى الناس؟ وبخهم بقتلهم الأنبياء والفعل لغيرهم, لأنهم تولوهم على ذلك ورضوا به, فنسب إليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>