للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شيخنا الخفاجي في "شرح درة الغواص": أبيات المعاني عند الأدباء أبيات فيها خفاء لفظًا أو معنى، كاللغز يسأل عن ذلك، وقوله لفظًا كان ينبغي تركه، فإن البيت الذي فيه كلمة غريبة وحشيّة يقتضي أن يكون من أبيات المعاني، ولم نرهم أدرجوه في أبيات المعاني. وقال الدماميني: أبيات المعاني التي يسأل عن معناها لإشكاله، وعبَّر في بيت أبي نواس بأنه من التراكيب، أي: بحسب الإعراب، وإشكاله باعتبار أمر لفظي متعلق بالتراكيب لا بالمعنى، انتهى.

وقوله: التي يسأل عن معناها لإشكاله، يدخل فيه قول الفرزدق:

وما مثله في النَّاس إلَّا مملَّكًا ... أبو أمِّه حيٌّ أبوه يقاربه

وقد أدخلوه في كتب أبيات المعاني، منهم المجاشعي وغيره، وتعقبه ابن وحيي بأن قوله: لا بالمعنى، كلام لم يصدر عن تأمل، كيف ومعنى بيت أبي نواس أكثر إشكالًا وأشد إعضالًا من معنى بيت حسّان؟ ! هذا كلامه، وهذا مكابرة فإن بيت أبي نواس لا خفاء في معناه أصلًا.

واعلم أن العلماء قد ألفوا كتبًا كثيرة في أبيات المعاني كالأخفش المجاشعي والأشنانداني، وابن السكيت، وابن قتيبة وغيرهم، وجميعها عندي ولله الحمد، وقد أورد السخاوي جملة منها في "سفر السعادة".

والإشكال في البيت نشأ من توهم اتحاد مرجع الضميرين، وزال باختلاف المرجع، وهذا جواب أبي الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي الأخفش في كتاب "أبيات المعاني" قال فيه: وقال حسّان بن ثابت، وهو يعني النبي، صلى الله عليه وسلم:

أتانا فلم نعدل سواه بغيره ... نبيٌّ أتى من عند ذي العرش هاد يا

<<  <  ج: ص:  >  >>