للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيفان مع الغالب، وفي هذا الكلام وصف لنفسه بالشجاعة وإنصافه للمحارب.

وقوله: إن تدعني ... الخ، قال التبريزي: يحتمل وجهين، أحدهما: أنك إن دعوتني علمت حقيقة ما أقول، فادعني واخلص من الظنّ، لأنك تظن بي العجز عن لقائك، والظنّ من شأن الكاذب، مثل ما يقال: القيام بهذا الأمر على فلان، أي: هو الذي يقع به، والآخر معناه: يكون الظنّ عونًا على الكاذب مع الأعداء، كما تقول: رأيك عليك، أي: إنَّك تسيئه، فيكون كالمتظاهر عليك.

وهذه الأبيات وقعت جوابًا لقول الحارث فيه، وهو:

أيا ابن زيَّابة إن تلقني ... لا تلقني في النَّعم العازب

وتلقني يشتد بي أجردٌ ... مستقدم البركة كالرَّاكب

قوله أيا: حرف نداء، وابن زيابة: منادى، والعازب: البعيد، يري: إنك لا تراني راعي إبلٍ، وإنما أنا صاحب فرسٍ ورمحٍ، أغير على الأعداء، وأحارب من يبتغي حربي، ويشتدّ: من الشدّ، وهو العدو، والأجرد: الفرس القصير الشعر، والبركة، بكسر الموحّدة: الصّدر، قال التبريزي: زعموا أنَّ الرّاكب هنا فسيلة لم تنقطع من أمها، ويجوز أن يعني به طول عنق الفرس، وأنه يوازي الرّاكب على ظهره، ويكون هاديه هو الذي يستقدم البركة، فيكون الكاف [من قوله: كالراكب] في موضع رفع بفعلها، ولا يمتنع أن يكون الفعل للبركة، والكاف في موضع نصب. انتهى.

وابن زيابة: شاعر جاهلي، واختلف في اسمه، فقال أبو رياش في شرح "الحماسة": اسمه عمرو بن لأي، بفتح اللَّام وسكون الهمزة، أحد بني تيم اللات بن ثعلبة، وهو فارس مجلزٍ، وقال المرزباني وأبو محمّد الأعرابي: اسمه سلمة بن ذهل، والله أعلم. وكذلك الحارث بن همّام بن مرّة بن ذهل بن شيبان الشييباني جاهلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>