للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشوة. وهو صدر أبيات خوطب بها خالد بن عبد الله القسري، روى صاحب كتاب "مكارم الأخلاق" أنَّ خالدًا المذكور عرض سجنه يومًا، فرأى يزيد بن بلان البجلي، فقال له خالد: في أي شيء حبست؟ قال: في تهمة، وكان أخذ في دار قوم، فادعي عليه السرق، فأمر خالد بقطع يده، وكان ليزيد أخ، فكتب هذه الأبيات، ووجهها إلى خالد:

أخالد قد والله أوطئت عشوة ... وما العاشق المسكين فينا بسارق

أقرَّ بما لم يأته المرئ إنَّه ... رأي القطع خير أمن فضيحة عاشق

ولولا الَّذي قد خفت من قطع كفِّه ... لألفيت في أمر الهوى غير ناطق

إذا بدت الرّايات في السَّبق للعلى ... فأنت ابن عبد الله أوَّل سابق

فلمّا قرأ خالد الأبيات، علم صدق قوله، وأحضر أولياء الجارية فقال: زوِّجوا يزيد فتاتكم، فزوَّجوه، ونقد خالد المهر من عنده، وقد أنشده المرادي في "شرح التسهيل" وفي "الجنى الداني" هكذا، وكذا أنشده ابن عقيل، وأنشد ناظر الجيش البيتين الأولين، وأردفهما بقول الآخر:

لقد أرسلوني في الكواعب راغبًا ... فقد وأبي راعي الكواعب أفرس

قال: أراد: فقد أفرس راعي الكواعب وحق أبي، ويجوز أن يكون أضاف الأب إلى راعي، وهو يعن نفسه. انتهى. وكذا في شرح شيخهم أبي حيان، وقوله: "أوطئت عشوة"، بالبناء للمجهول وبفتح تاء الخطاب، وفي غالب النسخ أوطأت، وهو خطأ من النساخ، قال الإمام المرزوقي في باب المكسور أوّله من "شرح فصيح ثعلب": قوله: أوطأتني عشوة، أي: خبّرتني بباطل، ويقال: تعيني في معناه أيضًا، وأصله من عشا يعشو: إذا سار في ظلمة، تسمى عِشوة

<<  <  ج: ص:  >  >>