وكان غائبًا، فسمعت ابنته -وهي صغيرة لم تبلغ- ذروًا من وعيدهم، فخرجت إليهم، وأنشأت تقول:
تجمعتم من كل أوب وفرقة ... على واجد لا زلتم قرن واحد
فأفحمتم.
وأخرج عن محمد بن عبّاد بن موسى أنه قال: كنت عند أبي عمرو الشيباني أعرض عليه شعر عدي بن الرقاع، وقرأت:
لولا الحياء وأنَّ رأسي قد عثا ... البيت
مع بيتين بعده، فقال أبو عمرو: أحسن والله! فقال رجل كان يخضر مجلسه أعرابي كأنه مدني: أما والله لو رأيته مشبوحًا بين أبعةٍ وقضبان الدِّفلى تأخذه، لكنت له أشد استحسانًا، يعني إذا غنّي به على العود.
وأخرج عن أبي عبيدة أنه كان يستحسن قوله:
وسنان أقصده النعاس ... . . . . . البيت
ويقول: ما قال في هذا المعنى أحد أحسن منه. وأخرج عن محمّد بن سلام أنه قال: عزل الوليد بن عبد الملك عبيدة بن عبد الرحمن عن الأردن، وضربه وحلقه، وأقامه للناس، وقال للمتوكلين به: من أتاه متوجعًا أو أثنى عليه فأتوني به، فأتاه عديّ بن الرقاع، وكان عبيدة إليه محسنًا فوقف عليه وأنشأ يقول:
فما عزلوك مسبوقًا ولكن ... إلى الغايات سباقًا جوادًا
وكنت أخي وما ولدتك أمّي ... وصولًا باذلًا لا مستزادًا
فقد هيضت بنكبتك القدامى ... كذاك الله يفعل ما أرادا
فوثب الموكلون، فأدخلوه على الوليد، وأخبروه بما جرى، فتغيَّظ عليه الوليد