للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروي: "ليعقبا" ولو روي جميع ذلك باللام لكان مستقيمًا غير خارج عن المعنى، ولا داخل في الضرورة. انتهى. وقال الأعلم. ويروي: "لأستريحا" ولا ضرورة فيه على هذا. انتهى. فقال ابن السراج في "الأصول": جعل لحاقه بالحجاز سببًا لاستراحته، فتقديره لما نصب كأنه قال: يكون لحاق فاستراحة، وقد جاء مثله في الشعر لقوم فصحاء، إلَّا أنّه قبح النصب في العطف على الواجب الذي على غير شرطه، لأنه قد جعل لهذا المعنى آلاتٍ، وكان حق الكلام أن يقول في غير شعر: وألحق بالحجاز، فإذا لحقت استرحت، أو: وإن ألحق استرح، ومع ذلك فإن الإيجاب على غير شرط أصل الكلام، وإزالة اللفظ عن جهته في الفروع وأحسن منها في الأصول، لأنها أدل على المعاني. وقول الدماميني النصب على حد:

ولبس عباءةٍ وتقرَّ عيني

غير جيّد، إذ لا مصدر صريح. وقال أيضًا: لقائلٍ أن يقول: لا نسلّم أنّ "أستريح" منصوب، بل مرفوع مؤكد بالنون الخفيفة، موقوفًا عليها بالألف، وتوكيد مثل هذا جائز في الضرورة، قال سيبويه: يجوز للمضطر: أنت تفعلنّ، ولا شك أن التخريج على هذا متجه، بخلاف التخريج على النصب مع فقد شرطه. هذا كلامه، وهو من باب غسل الدم بالدم، لأنه تفصّى عن ضرورة ولجأ إلى ضرورة، وشرط كل من النصب والتوكيد مفقود. وقوله: بل مرفوع، عجيب، فإنَّ المؤكّد بالنون يكون مبنيًّا.

والبيت نسبه ابن يسعوهن وغيره إلى المغيرة بن حبناء بن عمرو بن ربيعة الحنظلي التميمي، وقد رجعت إلى ديوانه، وهو صغير، فلم أجده فيه، وهو شاعر فارس من شعراء الدولة الأموية، وأحد فرسان خراسان، وله مدائح في المهلب بن أبي صفرة، وطلحة الطلحات، وغالب شعره هجو في أخيه صخر، ولهما قصائد تناقضًا بها، ومنه قوله فيه:

<<  <  ج: ص:  >  >>