أي: بين ذراعي الأسد وجبهته. وحكى الفراء: قطع الله الغداة يد ورجل من قاله، أي: يد من قاله، ورجل من قاله. وهذا كثير وإنَّما أردت أن أوجدك أن الأسماء قد تعلق عن الإضافة في ظاهر اللفظ، وأنَّ الحروف لا يمكن أن تعلق عن الجرّ في اللفظ البتة، فأما قول الشاعر:
جياد بني أبي بكرٍ تسامى ... على كان المسوَّمة العراب
فإنه إنَّما جاز الفصل بين حرف الجر وما جره بـ "كان"، من قبل أنها زائدة مؤكدة، فجرت مجرى "ما" المؤكدة في نحو قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم}[المائدة/ ١٣] و {عما قليل}[المؤمنون/ ٤٠]، فلذلك جاز لعلى، وإن كانت حرفًا جارًّا، أن تتخطى إلى ما بعد كان [فتجره]، ولا يجوز في قوله:"ككما يؤثفين" أن تكون "ما" مجرورة بالكاف الأولى، لأنَّ الكاف الثانية "عاملة للجرّ"، وليست كان جارة [فتجري] مجرى الكاف في "ككما".
فإن قيل: فمن أين جاز تعليق الأسماء عن الإضافة في اللفظ، ولم يجز في حروف الجرّ إلَّا أن تتصل بالمجرور؟
فالجواب: أن ذلك جاز من وجهين: أحدهما: أنّ الأسماء أقوى وأعم تصرفًا من الحروف وهي الأول الأصول، فغير منكر أن يتجوَّز فيها ما لا يتجوز في الحروف، ألا ترى أنَّ التّاء في رُبَّت وثمّت علامة تأنيث كما أنَّ التّاء في مسلمة علامة تأنيث؟ وقد أبدلوا تاء التأنيث في الاسم هاء في الوقف [فقالوا: مسلمة]، ولم يبدلوا التّاء في: