للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربت وثمت ولات ولعلت في وقف ولا وصل، لأنه ليس للحرف قوة الاسم وتصرفه، والفعل أيضًا في هذا جار مجرى الحرف، ألا ترى أن التاء في قامت وقعدت ثابتة غير مبدلة في وصل ولا وقف؟

والوجه الآخر: أنّ الأسماء ليست في أوَّل وضعها مبنية على أن تُضاف ويُجرّبها، وإنما الإضافة فيها ثانٍ لا أوَّل فجاز فيها أن تعرى في اللفظ من الإضافة، وإن كانت الإضافة فيها منوية. وأمّا حروف الجرّ فوضعت على أنها للجر البتة، وعلى أنها لا تفارق المجرور؛ لضعفها وقلّة استغنائها عن المجرور، لضعفها وقلذة استغنائها عن المجرور، فلم يمكن تعليقها عن الجرّ والإضافة، لئلا يبطل الغرض الذي جيء بها من أجله، فهذا أمر ظاهر.

فإن قال قائل: فمن أين جاز للاسم أن يدخل على الحرف في قوله: مثل كعصف؟ فالجواب أنه إنَّما جاز ذلك لما بين الكاف ومثل من المضارعة في المعنى، فكما جاز لهم أن يدخلوا الكاف على الكاف في قوله:

وصالياتٍ ككما يؤثفين

لمشابهته لمثل، حتى كأنه قال: كمثل ما يؤثفين، كذلك أدخلوا أيضًا مثلًا على الكاف في قوله: "كعصف" وجعلوا ذلك تنبيهًا على قوة الشبه بين الكاف ومثل. فإن قال قائل: فهل تجيز أن تكون الكاف مجرورة بإضافة مثل إليها، ويكون العصف مجرورًا بالكاف؟ فتكون على هذا قد أضفت كلّ واحد من مثل ومن الكاف، فيزول عنك الاعتذار لتركهم مثلًا غير مضافة على ما قدمته، ويكون جرّ الكاف إضافة مثل إليها كجرّها بدخول الكاف على الكاف في قوله: "ككما يؤثفين" فكما إنَّ الكاف الثانية هنا مجرورة بالأولى، كما انجرَّت بعلى في قول الآخر:

<<  <  ج: ص:  >  >>