للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كالقطا الجونيِّ أفزعه الزَّجر

فكذلك هلَّا قلت: إنَّ الكاف في مثل "كعصف" مجرورة بإضافة مثل إليها؟

فالجواب: إن قوله: مثل كعصف قد ثبت أن مثلًا أو الكاف فيه زائدة، كما أنّ إحداهما زائدة في قوله: {ليس كمثله شيء} [الشورى/ ١١] وإذا ثبت ذلك فلا يجوز أن تكون مثل هي الزَّائدة؛ لأنها اسم، والأسماء لا تزاد إنما تزاد الحروف، فإذا لم يجز أن تكون مثل هي الزّائدة، ولم يكن بدّ من زائد، ثبت أنَّ الكاف هي الزائدة، وإذا كانت هي الزّائدة فلا بدَّ من أن تكون كما قدَّمنا حرفًا، وإذا كانت حرفًا بطل أن تكون مجرورة، من حيث كانت الحروف لا إعراب في شيء منها، وإذا لم تكن مجرورة بطل أن تكون "مثل" مضافة إليها. على أن أبا علي قد كان أجاز أن تكون مثل مضافة إلى الكاف، وتكون الكاف هنا مجرورة اسمًا، وفيه عندي ضعف لما ذكرته.

فأمّا قول الآخر: "ككما يؤثفين" فقد استدللنا بدخول الكاف الأولى على الثانية أنَّ الثانية اسم، وأن الأولى حرف قد جر الثانية، وهو مع ذلك زائد، ولا ينكر وإن كان زائدًا أن يكون جارًا، لما قدمناه من قولهم: ما جاءني من أحد، ولست بقائم. إلى هنا كلام ابن جني وسقناه بطوله لكثرة فوائده.

وكأنَّ الدماميني لم يقف على هذا الكلام، ولم يستحضر كلام الرضي في هذا المقام فإنه قال: ينبغي أن تكون الكاف في البيت اسمًا أضيف إليه مثل، فيكون عمل كلّ من الكلمتين موفّرًا، أما إذا جعلت حرفًا، وجعل مثل مضافًا إلى عصف، لزم قطع الحرف الجارّ عن عمله بلا كاف، اللهم إلَّا أن يقال: تنزل منزلة الجزء من المجرور.

<<  <  ج: ص:  >  >>