للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تكن قبل أن تجئ بها، فأنت، إذا ذكرت الكاف تمثل بها، انقضى كلام سيبويه.

واعلم أنَّ الكلام يحتاج إلى شرح ليتلخص معانيه، فإنَّ في ظاهره إشكالًا، أمّا قوله: ما أنت كعمرو ولا شبيهًا به، فلا تخلو الكاف [في كعمرو] أن تكون اسمًا كمثل، أو حرفًا فيه معنى مثل، فإن كانت الكاف اسمًا، فشبيه معطوف عليها، كما كان يعطف على مثل لو كانت هناك، وهذا أمر ظاهر. وإن كانت الكاف حرفًا كالتي في قولنا: مررت بالّذي كزيد، فشبيه المنصوب معطوف على كعمرو جميعًا، لأنَّ الجار والمجرور في موضع نصب، لأنَّ هذه لغة حجازية؛ لأنَّ نصب "شبيه" يدل على أنّ الأول في موضع نصب، إلَّا أنَّ هذا موضع متى عطفت على لفظه أفدت معنى، فإن عطفت على معناه دون لفظه أفدت معنى آخر، ألا ترى أنَّك لو قلت: ما زيد كعمرو ولا شبيه به [فجررت الشبيه]، فإنما أردت ولا كشبيه به، فقد أثبت له شبيهًا، ونفيت أن يكون زيد كالَّذي يشبه عمرًا، وأنت إذا قلت: ما زيد كعمرو ولا شبيهًا، فإنَّما نفيت عن زيد أن يكون شبيهًا لعمرو، ولم تثبت لعمرو شبيهًا، وليس كذلك قولنا: ما أنت بعمرو ولا خالدًا، لأنك إن نصبت خالدًا على المعنى، أو جررته على اللفظ، فإنما معناه في الموضعين واحد، أي: ما أنت هذا ولا هذا، فقول سيبويه: "لأنك تريد: ما هو مثل هذا ولا مفلحًا. هذا معنى الكلام" يحتمل أمرين، أحدهم: أن معنى الكاف [معنى] مثل، وهي حرف، والآخر: أن معنى الكاف معنى مثل، وهي اسم، فإن كانت اسمًا، فالعطف عليها ظاهر، وإن كانت حرفًا، كان العطف عليها وعلى ما جرته.

وقوله: "فإن أراد أن يقول: ولا بمنزلة من يشبهه جرّه" يقول: إذا جررت شبيهًا به، فقد أثبت لعمرو شبيهًا؛ لأنك أردت: ولا كمن يشبهه، ومثَّل ذلك فقال: وذلك نحو: ما أنت كزيد ولا خالد، فهذا يبين لك أنك إذا قلت: ما أنت كزيد ولا خالد، فقد أثبت غير زيد وهو خالد.

<<  <  ج: ص:  >  >>