للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فإذا قلت ما أنت يزيد ولا قريبًا منه، فليس ههنا معنى بالباء لم يكن قبل أن تجئ بها" يريد أن قولك: ما أنت بزيد، وما أنت زيدًا معناهما واحد، وإنما جئت بالباء زائدة مؤكدة، وأنت إذا قلت: ما أنت زيدًا، فله معنى غير معنى قولك: ما انت كزيد، لأنك إذا قلت: ما أنت زيدًا فإنما نفيت أن يكون هو هو، وإذا قلت: ما أنت كزيد، فإنما نفيت أن يكون مشبهًا له؛ ألا ترى أنَّ من قال: أنا زيد، فمعناه غير معنى من قال: أنا كزيد؟ فكما كان الإيجابان مختلفين، كذلك يكون النفيان مختلفين، وهذا واضح. إلى هنا كلام ابن جنّي. والبيت من رجز للعجّاج، وقبله:

ولا تلمني اليوم يا ابن عمّي ... عند أبي الصَّهباء أقصى همِّي

بيضٌ ثلاثٌ كنعاجٍ جمِّ ... يضحكن عن كالبرد المنهم

تحت عرانين أنوفٍ شمِّ

أبو الصَّهباء: كنية رجل، والهمّ بالفتح، والهمّة بالكسر: أول العزم، وهو الإرادة، وقد يطلق على العزم القوي فيقال: له همّة عالية، وبيض بالرفع: إمّا بدل من "أقصى همي" وإما خبر لمبتدأ محذوف، أي: هو، والجملة جواب سؤال مقدّر، وقيل: بيضٍ –بالجرّ- بدل من همي ولا وجه له، وقيل: بيض مبتدأ، وجملة "يضحكن" خبر، وقيل: خبر مبتدأ محذوف، أي: هن بيض، وقيل: مبتدأ خبره محذوف، أي: منهن بيض، ذكر هذه الأوجه الثلاثة الأخيرة العيني تبعًا لصاحب "التخمير" والبيض: الحسان، جمع بيضاء، والنعاج: جمع نعجة، وهي الأنثى من الضأن، والعرب تكني عن المرأة بالنعجة، ونقل عن أبي عبيد أنه لا يقال لغير بقر الوحش نعاج، وتشبه النساء بها في العيون والأعناق، والجُمّ، بضم الجيم: جمع

<<  <  ج: ص:  >  >>