الأعرابيّ في "ضآلة الأديب": كان السبب في هذه القصيدة أن مسلمًا كان غائبًا، فكُتبت إبله للمصدّق، أي: لعامل الصدقة، وهي الزكاة، وكان رُقيع وهو عمارة ابن عبدي الوالي عريفًا، فظنَّ مسلم أنّ رقيعًا أغراه، وكان مسلم ابن أخت رقيع وابن عمه، فقال مسلم:
بكت إبلي وحقَّ لها البكاء ... وفرَّقها المظالم والعداء
إذا ذكرت عرافة آل بشرٍ ... وعيشًا ما لأوَّله انثناء
ودهرًا قد مضى ورجال صدقٍ ... سعوا قد كان بعدهم الشَّقاء
إذا ذكر العريف لها اقشعرت ... ومسَّ جلودها منه انزواء
فظلَّت وهي ضامرة تفادي ... من الجرّات جاهدها البلاء
وكدن بذي الرّبا يدعون باسمي ... ولا أرضٌ لدي ولا سماء
تؤمِّل رجعةً مني وفيها ... كتابٌ مثل ما لزق الغراء
إلى أن قال بعد أبيات يخاطب رقيعًا:
ألمَّا أن رأيت الناس آبت ... كلابهم عليَّ لها عواء
ثنيت ركاب رحلك مع عدوِّي ... لمختتلٍ وقد برح الخفاء
ولا خيت الرِّجال بذات بيني ... وبينك حين أمكنك اللِّخاء
إلى أن قال:
وقد يغني الحبيب ولا تراخي ... مودَّته الغنائم والحباء
ويوصل ذو القرابة وهو ناءٍ ... ويبقى الدِّين ما بقي الحياء
جزى الله الصَّحابة عنك شرًّا ... وكلُّ صحابة لهم جزاء
بفعلهم فإن خيرًا فخيرًا ... وإن شرًّا كما مثل الحذاء
وإيّاهم جزى عنّي وأذَّى ... إلى كلّ بما بلغ الأداء
وقد أنصفتهم والنَّصف يرضى ... به الإسلام والرَّحم البواء
لددتهم النَّصيحة كلَّ لدٍّ ... فمجُّوا النُّصح ثمَّ ثنوا فقاؤوا