وأنت التي ما من صديق ولا أخ ... يرى نضو ما أبقيت إلا رثى ليا
وإني لتثنيني الحفيظة كلما ... لقيتك يومًا أن أبثك ما بيا
وإني لأستحييك أن أذكر الصبا ... إليك فأنسى القلب ما ليس ناسيا
وبقي منها بيان.
وجميل: هو ابن عبد الله بن معمر, وقيل: معمر بن عبد الله العذري الحجازي الشاعر, صاحب بثينة العذرية, ذكره الجمحي في الطبقة السادسة من الإسلاميين, وحدث عن أنس بن مالك, قال الخطابي: وليس له إلا حديث واحد, وهو: «إن من الشعر حكمة» ومات بمصر في سنة اثنين وثمانين, ودخل عليه العباس بن سهل الساعدي وهو يجود بنفسه, فقال له جميل: ما تقول في رجل لم يقتل نفسًا ولم يزن قط, ولم يشرب خمرًا قط, أترجو له الجنة؟ قال العباس: إي والله! فمن هو؟ قال جميل: إني أرجو أن أكون ذلك الرجل, قال العباس: فقلت: سبحان الله, وأنت تتبع بثينة منذ ثلاثين سنة؟ فقال: يا عباس إني لفي آخر يوم من أيام الدنيا, وأول يوم من أيام الآخرة, لا نالتني شفاعة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم إن كنت وضعت يدي عليها لريبة قط, فما بوحنا حتى مات.
وبثينة صاحبته بنت الأسود, وقيل: بنت مالك, ولما بلغها وفاته جزعت وصاحت وأغمي عليها ساعة, ثم أفاقت وقالت ترثيه:
وإن سلوي عن جميل لساعة ... من الدهر لا حانت ولا حان حينها
سواء علينا يا جميل بن معمر ... إذا مت بأساء الحياة ولينها
ولم ير أكثر باكيًا وباكية من يومئذ.