للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قوله:

أردت لكيما أن تطير بقربتي

فلا حجّة فيه لأنَّ قائله مجهول، وإن علم فإظهار أن بعد كي لضرورة الشعر، أو لأنَّ بدل من كي؛ لأنهما بمعنى واحد. انتهى كلامه. والجيّد هو الثاني، وهو ظهور "أن" للضرورة، والذاهب إلى أنّ العامل اللاَّم، وكي وأن مؤكّدان لها هو الفرّاء، قال في "تفسيره" عند قوله تعالى: {يريد الله ليبين لكم} [النساء/ ٢٦] مثله في موضع آخر: {والله يريد أن يتوب عليكم} [النساء/ ٢٧] والعرب تجعل اللَّام التي على معنى كي في موضع أن في: أردت وأمرت، فتقول: أردتُ أن تذهب، وأردت لتذهب، وأمرتك أن تقوم، وأمرتك لتقوم. قال تعالى {وأمرنا لنسلم لرب العالمين} [الأنعام/ ٧١] وقال في موضع آخر: {قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم} [الأنعام/ ١٤] وقال: {يريدون ليطفئوا} [الصف/ ٨] و {أن يطفئوا} [التوبة/ ٣٢] وإنَّما صلحت اللَّام في موضع "أن" في أمرتك وأردت، لأنهما يطلبان المستقبل، ولا يصلحان مع الماضي، ألا ترى أنك تقول: أمرتك أن تقوم، ولا يصلح: أمرتك أن قمت، وكذلك: أردت، فلمّا رأوا "أن" في غير هذين تكون للماضي والمستقبل استوثقوا لمعنى الاستقبال بكي، وباللام التي في معنى كي، وربما جمعوا بينهما وربما جمعوا بين ثلاثهن، أنشدني أبو ثروان:

أردت لكيما أن ترى لي عثرة ... ومن ذا الذي يعطي الكمال فيكمل

فجمع بين اللَّام وكي، وقال تعالى: {لكيلا تأسوا} [الحديد/ ٢٣]، وقال الآخر في الجمع بينهن:

أردت لكيما أن تطير بقربتي ... .. البيت

<<  <  ج: ص:  >  >>