وإنما جمعوا بينهنَّ لاتفاقهنَّ في المعنى واختلاف لفظهن، قال رؤبة:
بغير لا عصفٍ ولا اصطراف
وربما جمعوا بين "ما ولا وإن" التي على معنى الجحد، أنشدني الكسائي في بعض البيوت:
لا ما إن رأيت مثلك
فجمع بين ثلاثة أحرف. وربما جعلت العرب اللَّام مكان أن فيما أشبه "أردت، وأمرت" مما يطلب المستقبل، أنشدني أبو الجرّاح الأنفيّ من بني أنف النّاقة من بني سعد:
ألم تسأل الأنفي يوم يسوقني ... ويزعم أني مبطل القول كاذبه
أحاول إعناتي بما قال أم رجا ... ليضحك مني أو ليضحك صاحبه
والكلام: رجا أن يضحك، ولا يجوز: ظننت ليقوم، وذلك أنَّ "أن" التي تدخل مع الظنّ تكون مع الماضي، نحو: أظن أن قد قام زيد، فلم تجعل اللَّام في موضعها ولا كي، إذا لم تطلب المستقبل وحده، وكلّما رأيت "أن" تصلح مع المستقبل والماضي فلا تدخلن عليها كي ولا اللام. هذا آخر كلام الفرّاء. وظهر منه أنَّ أن لا تكون إلَّا مع كي المسبوقة باللَّام. مع تقدم أحد الفعلين من "أمر وأراد" وما أشبههما، وأنَّ لام كي لا تكون إلَّا مسبوقة بأحد هذين الفعلين.
وقوله: أردت لكيما، ما: صلة، والطّيران ها هنا مستعار للذهاب السّريع. والقربة بكسر القاف معروفة، وتتركها بالنصب عطفًا على تطير. والترك: التخلية، يتعدى لمفعول، ويأتي بمعنى التصيير، ويتعدى لمفعولين، وهنا محتمل لكل منهما، فشنًا على الأول: حال من الهاء، وعلى الثاني: هو المفعول الثاني، وببيداء متعلق بالترك، أو هو المفعول الثاني، وشنًا: حال، وباقع بالحرّ صفة بيداء. وقال العيني: