للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ كي هنا بمعنى أن، ولا تكون الجارة؛ لأنّ حرف الجرّ لا يعلق، وهذا غير مرضي من أبي عليّ؛ لأن حرف الجرّ هنا لا يُعلّق بل هو باقٍ على عمله، وإنما كرّر توكيدًا لقول الآخر:

ولا للما بهم أبدًا دواء

هذا والبيت ليس لحاتم، وإنما هو من قصيدة للنميري وأورد منها أبو تمام في باب الأضياف من "الحماسة" اثني عشر بيتًا على رواية أخرى وهي:

فأبرزت ناري ثمَّ أثقبت ضوءها ... وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله

وعليه لا شاهد. وهذا ما أورده أبو تمام:

وداع دعا بعد الهدوِّ كأنما ... يقاتل أهوال السُّرى وتقاتله

دعا بائسًا شبه الجنون وما به ... جنونٌ ولكن كيد أمرٍ يحاوله

فلمّا سمعت الصَّوت ناديت نحوه ... بصوت كريم الجدِّ حلوٍ شمائله

فأبرزت ناري ثمَّ أثقبت ضوءها ... وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله

فلمّا رآني كبر الله وحده ... وبشَّر قلبًا كان جمًّا بلا بله

فقلت له أهلًا وسهلًا ومرحبًا ... رشدت ولم أقعد إليه أسائله

وقمت إلى برك هجان أعدُّه ... لوجة حقٍّ نازل أنا فاعله

بأبيض خطَّت نعله حيث أدركت ... من الأرض لم تخطل عليَّ حمائله

فجال قليلًا واتَّقاني بخيره ... سنامًا وأملاه من النَّبيِّ كاهله

بقرمٍ هجان مصعبٍ كان فحلها ... طويل القرى لم يعد أن شقَّ بازله

فخرّ وظيف القرم في نصف ساقه ... وذاك عقالٌ لا ينشَّط عاقله

بذلك أوصاني أبي وبمثله ... كذلك أوصاه قديمًا أوائله

قوله: بعد الهدوّ: وهو السّكون، يقول: بعدما هدأت أصوات النّاس بالنوم، وقوله: دعا بائسًا، حال من ضمير دعا، أي: وهو ذو بؤس وشدّة من الجوع والعطش، وإنما دعا شبه الجنون لتسمعه الكلاب فتنبحه ليستدل بأصواتها على الحيّ، وهكذا حال المسافر المنقطع إذا أظلم عليه اللّيل. قال التبريزي: أي دعا دعاء يشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>