بزيادة شيء، ونقول: التقدير: كأنك تبصر بالدنيا، أي: تشاهدها، من قوله تعالى:{فبصرت به عن جنبٍ}[القصص/ ١١] والجملة بعد المجرور بالباء حال، أي: كأنك تبصر بالدنيا وتشاهدها غير كائنة، ألا ترى إلى قولهم: كأني باللّيل وقد أقبل، وكأني بزيد وهو ملك، والواو لا تدخل على الجمل إذا كانت أخبارًا لهذه الحروف. انتهى.
وأما الأول فقد قال ناظر الجيش: هو مذهب بعض الكوفيين، قالوا: لأن المعنى على تقريب إقبال الشتاء، وتقريب إتيان الفرج، ولا يتصورّ التشبيه في هذا الكلام. ومن ذلك قول الحسن البصري: كأنك بالدنيا لم تكن، وبالآخرة لم تزل، لأنَّ المعنى على تقريب زوال الدنيا، وتقريب وجود الآخرة، والمحققون على أن كأنّ للتشبهي فيما ذكر، ولكن اختلف القول في تخريجه. إلى هنا كلامه.
قال أبو عبد الله محمد بن محمّد بن عمرون الحلبي في "شرح المفصل" ومن مشكل خبر كأنّ قول الحسن البصري: كأنك بالدنيا لم تكن، وبالآخرة لم تزل. يحتمل الضمير في "تكن" أن يكون للمخاطب، وأن يكون للدنيا، وكذا الضمير في "لم تزل". وتقديره على الأول: كأنّك لم تكن بالدنيا، ويكون التشبيه في الحقيقة للحالين. لا لذي الحال ومثله: كأنَّ زيدًا قائم، فقد ظهر أن التشبيه لا يفارق كأنّ، وأمّا قول من قال: إنها تكون للتشبيه إذا كان خبرها اسمًا، وأما إذا كان خبرها فعلًا أو ظرفًا أو حرف جرّ، فظنٌ وتخيلٌ ليس بشيء، لأنَّ ما ذكرناه من التأويل لا يبقى إشكالًا، وجريها على حقيقتها أولى، وتقديره: إن حالك في الدنيا يشبه حالك زائلًا عنها ويكون بالدنيا ظرفًا، وكان تامه، وهي خبر كأنَّ. وإن كان الضمير للدنيا، فيحتمل أن يكون بالدنيار الخبر، و"لم تكن" في موضع نصب على الحال من الدنيا. إمّا على أنّه صفة لمحذوف، إذا لم يجوّز أن تقع الماضية حالًا تقديره دنيا لم تكن، وتنصب دنيا على الحال. وإمَّا على تقدير واو الحال، وكذا "لم تزل" فإن قيل: إنّ بالدنيا لا يتم به الكلام، والحال فضلة؛