قل:"تخال أذنيه إذا تشوَّفا". والراجز وإن كان قد لحن فقد أحسن التشبيه. انتهى. وكذا نقله ابن عبد ربه في "العقد الفريد" وروى الصولي في كتاب "الأوراق" عن الطيب بن محمد الباهلي عن موسى بن سعيد بن مسلم أنه قال: كان أبي يقول: كان فهم الرّشيد فهم العلماء، أنشده العماني في صفة فرس: كأنَّ أذنيه .. الخ، فقال له: دع كأنّ، وقل: تخال أذنيه، حتى يستوي الشعر. انتهى.
واعترض ابن السيّد فيما كتبه على "كامل المبرد" بأنَّ هذا لا يعدّ لحنًا، لأنه قد حكي أن من العرب من ينصب خبر كأنّ ويشبهها بظننت، وعلى هذا أُنشد قول ذي الرُّمَّة:
كأنَّ جلودهنَّ مموَّهاتٍ ... على أبشارها ذهبًا زلالا
وعليه قول النابغة الذبياني:
كأنَّ التاج معصوبًا عليه ... لأذوادٍ أصبن بذي أبان
في أحد التأويلين. انتهى. ويمنع الأول بجعل مموّهاتٍ حالا من جلودهنَّ لأن مفعول في المعنى، والخبر قوله: على أبشارها، والرواية رفع مموهات على الخبرية، يصف النساء، والمموّهات المطليات، والأبشار: جمع بشرة وهي ظاهر الجلد، وذهبًا: المفعول الثاني لمموّهات، يقال: موذهه ذهبًا، والزلال: الصافي من كل شيء. ويمنع الثاني أيضًا بجعل عليه هو الخير، ومعصوبًا حالًا من التاج، وذو أبان: موضع. يريد أنه أغار على قومٍ، فأخذ منهم أذواد إبل فيظن نفسه ملكًا يهزأ به. فإن قلت: معمولًا كأنّ أصلهما المبتدأ والخبر، فكيف أخبر عن المثنى بالمفرد؟ قلت: إنَّ العضوين المشتركين في فعل واحد مع اتفاقهما في التسمية يجوز إفراد خيرهما؛ لأنَّ حكمهما واحد، كقولك: أذناي سمعت، وقدماي مشت.