أنهما جبلان، حتى ثبت عندي أنهما عينان. وقوله: أردن ويبدون: بنون التوكيد الخفيفة، وشامة: بالمعجمة والميم مخففة، وزعم بعضهم أنَّ الصواب "شابة" بالموحدة بدل الميم، والمعروف بالميم. إلى هنا كلام ابن حجر.
وقال ابن هشام في "السيرة" قال ابن إسحاق: وحدثني هشام بن عروة، وعمر بن عبد الله عروة عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: لما قدم رسول الله صلى الهل عليه وسلم المدينة، قدمها وهي أوبأ أرض الله من الحمَّى، فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم، وصرف الله [ذلك] عن نبيه صلى الله عليه وسلم، قالت: فكان أبو بكر، وعامر بن فهيرة، وبلال موليًا أبي بكر مع أبي بكر في بيت واحد، فأصابتهم الحمَّى، فدخلت عليهم أعودهم، وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب، وبهم ما لا يعلمه إلا الله من شدّة الوعك، فدنوت من أبي بكر، فقلت له: كيف تجدك يا أبت؟ فقال: كلُّ امرئٍ مصبح .. الخ، قالت: قلت: والله ما يدري أبي ما يقول! قالت: ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة فقلت: كيف تجدك يا عامر؟ فقال:
لقد وجدت الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه
كل امرئٍ مجاهدٌ بطوفه ... كالثور يحمي جلده بروقه
بطوقه، يريد: بطاقته، قالت: فقلت: والله ما يدري عامر ما يقول! قالت: وكان بلال إذا تركته الحمَّى اضطجع بفناء البيت، ثمَّ رفع عقيرته فقال:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً ... بفخٍ وحولي إذ خرٌ وجليل
إلى آخر البيتين. قالت عائشة: فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعت منهم، فقلت: إنهم ليهذون، وما يعقلون من شدَّة الحمَّى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبِّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكّة،