وقال مغلطاي في ذلك الكتاب: ذكر ابن الحباب السعدي في كتابه "تحريم الشراب" أنَّ ما أنشده بلال لبكر بن غالب بن عامر بن الحارث بن مضاض الجرهمي، قالهما عندما نفتهم خزاعة عن مكة، وإنّ حبشة قال:
ألا ليت شعري هل أبينَّ ليلة ... وأهلي معًا بالمأزمين حلول
وهل أبصرنَّ العيس تنفخ في البرى ... لها في منى بالمحرمين ذميل
منازل كنَّا أهلها لم يحل بنا ... زمانٌ بنا فيما أراه يحول
يعني نبي سعد بن عوف الجرهمي. وعند أبي الفرج الأصبهاني "شامةوقفيل" انتهى. هو بفتح القاف وكسر الفاء: جبل. وبكر بن غالب هذا جاهليّ، ولم يذكر السهيلي ولا مغلطاي في شامة غير الميم، وناهيك بهما. وقال الصاغاني في "العباب" في مادة (شوب): وشابة: موضع ببلاد هذيل، قال أبو ذؤيب الهذلي:
كأن ثقال المزن بين تضارعٍ ... وشابة برك من جذام لبيج
وقال بشر بن أبي خازم الأسدي:
تؤم بها الحداة مياه نخلٍ ... وفيها عن أبانين ازورار
بليلٍ ما أتين على أرومٍ ... وشابة عن شمائلها تعار
وقال بلال: شابة وطفيل. والمحدثون يقولون: شامة، ويروى في الشعرين المتقدمين بالباء وبالميم. انتهى. وقد اغتر بهذا صاحب "القاموس" فشدَّدّ النّكير على المحدثين وغيرهم، فقال: وشامة: جبل بمكة، تصحيف من المتقدمين، والصواب: شابة. وهذا إقدام عظيم على تخطئة المتقنين، وليت شعري بأيّة حجّة باهرة يكون قولهم خطأ، وقوله صوابًا! وكلام الصاغاني لا يصلح سندًا، فإنه غير محرر، فإن شامة –بالميم- اسم أماكن متعددة لا مكان واحد، وشابة –بالموحدة- غير ذلك.