على أنَّ الهاء في "سلامته" والمستتر في "محمول" كل منهما راجع إلى "كل" لأنها يحسب ما تضاف إليه، وقد أضيفت هنا إلى مذكَّر، ولهذا رجع إليها ضمير المذكّر، وكلّ: مبتدأ، وخبره محمول، وجملة "وإن طالت سلامته": معترضة بينهما. قال بعض الفضلاء: فائدة الواو هنا الحكم بحصول الموت على كل تقدير، ومثله قولك: أزورك وإن هجرتني. فالزيارة مستمرة مطلقًا على تقدير الهجر وغيره، ولو قلت: إن هجرتني، بغير واو، فقد جعلت الهجر سببًا للزيارة، ولا يلزم منه الزيارة على تقدير غيره. انتهى. وهذا كلام حسن، وقد تكلمنا على هذا التركيب وما قيل، في حاشيتنا على شرح المصنف لقصيدة كعب بن زهير في هذا البيت. و"يومًا" و"على" كلاهما متعلقان بمحمول، والآلة: الجنازة والنعش يحمل عليها الميت، والحدباء: الشيء الشاق، وسنة حدباء: شديدة، شبّهت بالدابة الحدباء وهي الدابة قد بدت حراقفها وعظم ظهرها، طذت في "تهذيب الأزهري". والحرقفة: رأس الورك، فيكون أراد المستكرهة عند النفس.
والبيت من قصيدة "بانت سعاد" لكعب بن زهير بن أبي سلمى الصحابيّ، رضي الله عنه، وقد شرحها جماعة من المتقدمين وأحسن شروحها شرح المصنف، وقد كتبنا عليه حاشية جليلة، حصلت لنا فيها بركة الممدوح بها، صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الحاكم في "المستدرك" وصحّحه، والبيهقي في "دلائل النبوَّة" عن عبد الرحمن بن كعب: أنَّ أباه كعبًا وعمه يجيرًا خرجا حتى أتيا أبرق العزّاف، فقال بجير لكعب: اثبت في هذا المكان حتى آتي هذا الرّجل -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- فأسمع ما يقول. فجاء فأسلم فبلغ ذلك كعبًا فقال:
ألا أبلغا عني بجيرًا رسالةً ... على أيِّ شيءٍ ويب غيرك دلَّكا
على خلقٍ لم تلف أمًّا ولا أبًا ... عليه ولم تدرك عليه أخًا لكل
سقاك أبو بكرٍ بكأسٍ رويَّةٍ ... وأنهلك المأمور منها وعلَّكا